كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 11)
ففي المصدَّق منهما قولان، قد سبق ذكرهما في أواخر الفن الأول من القصاص:
أحدهما: وبه قال أبو حنيفة: أن المصدَّق الجاني، وهو نصُّه في هذا الكتاب (¬1) ورجَّحه الشيخُ أبو حامد والقاضي الرويانيُّ وجماعة.
وأظهرهما؛ على ما ذكرنا هناك أن المصدَّق الوليُّ، واختلفوا في موضع القولَيْن على ثلاثة طُرُق:
أظهرهما: إطلاقهما.
والثاني: عن أبي إسحاق أنه يُنْظَر إلى الدَّم السائل فإن قال أهل البصر: إنَّه دمُ حيٍّ، فالمصدَّق الوليُّ، وإن قالوا: إنه دم ميِّتٍ، فالمصدَّق الجاني، وإن اشتبه، ففيه القولان.
والثالث؛ عن أبي الحُسَيْن الطِّيبيِّ: أنه إن كان ملفوفاً في ثياب الأحياء، فالمصدَّق الوليُّ، وإن كان في الكفَن، فالمصدَّق الجاني (¬2)، وإن كان مشتبهاً، ففيه القولان، فإن صدَّقنا الجاني، فحلف، برأ، وإن صدَّقنا الوليَّ، فحلف، فله الدية.
قال الشيخ أبو حامد: ولا يستحقُّ القصاص للشبهة، وعن الماسرجسي وغيره: أنه يتعلَّق به القصاص، كما تتعلق به الدية؛ لأنَّ الخلاف في العمْد الموجِبِ للقِصَاصِ، فإذا صدَّقناه فيه، رتَّبنا عليه موجِبَه، وبهذا قال القاضي أبو الطيِّب، وبالغ (¬3) فيه [حين] (¬4) سأله أبو بكر الدقَّاق وراجَعَه فيه.
آخر: شهد شاهدٌ على رجُلٍ أنه قَتَل زيداً، وآخر أنه قَتَلَ عَمْراً، حصَل اللوْث في حَقّهما جميعاً حتى يُقْسِم الوليانِ، نصَّ عليه -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- في "الأم" والله أعلم بالصواب.
¬__________
(¬1) في أ: الباب.
(¬2) سقط فى ز.
(¬3) في ز: فالبالغ.
(¬4) في أ: حيث.