كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 11)
السَّقيفةِ، فَتَرَكُوا ما همُّوا به، وبذلك أخذَتِ الصحابة -رَضِيَ الله عَنْهُمْ- فمَنْ بعْدَهم، فإنْ لم يوجَدْ في قريش مَنْ يستجمع الصفاتِ المعتبرةَ، وُلِّي كِفَانِيٌّ؛ فإن لم يوجَدْ، فرجل من وَلَدِ إسماعيل -عليه السلام- ولك أن تقول: قريشٌ مِنْ وَلَدِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بن خُزَيْمَةَ بْنُ مُدْرِكَةَ، فكما قالوا: إذا لم يوجَدْ قرشيٌّ، يولى كنانيٌّ، فهلَّا قالوا: إذا لم يوجد كنانيٌّ، يولَّى خُزَيْمِيٌّ, وهكذا يَرْتَقِي إلى أبٍ بعدْ أبٍ، حتى ينتهي إلى إسماعيل -عليه السلام-، فإن لم يوجَدْ مِنْ ولد إسماعيل مَنْ يصلح لذلك، ففي "التهذيب" أنه يولَّى رجلٌ من العَجَم، وفي "التتمة": إنه يولَّى جُرْهُمِىٌّ، وجُرْهُمٌ أصل العَرَب، ومنهم تزوَّج إسماعيلُ -عليه السلام- حين أنزله أبوه أرْضَ مكة، فإن لم يوجَدْ جرهميٌّ، فرجل من [نسل] (¬1) إسحاق -عليه السلام-، ولا يشترط أن يكون هَاشِمِيّاً (¬2) ولا أن يكون معصوماً، وفي جواز تولية (¬3) المفضولِ خلافٌ مذكورٌ في "أدب القضاء"، فإن لم تتَّفِق الكلمة، إلا عليه، فلا خلاف في الجواز (¬4)، لينحسم (¬5) باب (¬6) الفتنة، ولو (¬7) نشأ مَنْ هو أفضل من الإِمام المنصُوب، لم يُعْدَل، عن المنصوب إليه.
فصْلٌ: لا بد للأُمَّة من إمام يُحْيِي الدينَ، ويقيم السنة وينصف المظلومين [من الظالمين] (¬8)، ويستوفي الحقوقَ، ويَضَعها مواضعها، [فلا] يصلح الناس فوْضَى، وتنعقد الإمامة بطُرُقٍ:
أحدها: البَيْعَة، كما بايع الصحابةُ (¬9) -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ - أبا بكرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وذُكِرَ في عَدَد الَّذين تَنْعَقِدُ الإمامة بِبَيْعَتِهم وجوهٌ:
أحدها: أنه لا بد من أَرْبَعِينَ؛ لأن عقد الإمامة أعظم خَطَراً من عقْد الجُمُعَة، وهذا العدَدُ معتبرٌ في الجمعة، ففي البيعة أَوْلَي.
والثاني: [أنه] يَكْفِي أربعةٌ، وهو أكمل نصاب (¬10) الشهادات.
والثالث: ثلاثةٌ؛ لأن الثلاثة مطْلَقُ الجمع، فإذا أنفقوا لم يَجْزْ مخالفة الجماعة.
والرابع: اثنان؛ لأن أقل الجَمْع اثنانِ.
والخامس: واحدٌ؛ لأن عُمَر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- بايع أبا بكرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-
¬__________
(¬1) فإن الصديق وعمر وعثمان رضي الله تعالى عنهم لم يكونوا من بني هاشم.
(¬2) سقط في ز.
(¬3) في ز: قوله.
(¬4) في ز: الحيوان.
(¬5) في ز: ليتختم.
(¬6) في ز: بادة.
(¬7) في ز: ولم.
(¬8) سقط في ز.
(¬9) سقط في ز.
(¬10) في ز: نصب.