كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 11)
أن يُفَصَّل، فيقال: إن كان الحصنُ على فوهة الطريق، وكانوا [يستولون] (¬1) بسببه (¬2) على ناحية وراء الحصْنِ، فالشوكة حاصلةٌ، وحكم أهل البغْي ثابت لئلا يتضرَّر أهل الناحية بتعطيل (¬3) الأقضية والأحكام، وإلا فليسوا بأهل البغْي، ولا نبالي بما يقع من التعطُّل في العدد القليل.
الثانية: قال الإخلاف أنه لو تَحزَّب من رجال القتال المنعوتين [بالشجاعة] عدَدٌ يسير، وكانوا بفضل القوة ويَقْوَون على مصادمة المجموع الكثيرة (¬4) فهم على عدة تامة، ويحتمل أن ينازع فيه منازعٌ؛ لقلة عددهم، وتجعل قواهم كالمَكَانِ الحَصِين.
الثالثة: قال: يجب القطْع بأن الشوكة لا تحْصُل إذا لم يكُنْ لهم متبوع مطاع؛ فإن رجال النجدة، وإن كثروا، فلا قوة لهم ولا شوكة، إذا لم يصْدُروا، ولم يجتمعوا على رأْي [قطاع متبوع] (¬5)، وهل يشترط أن يكون فيما بينهم إمامٌ منصوبٌ أو منتصب؟ فيه وجهان معْرُوفان، ويقال قولان: للجديد الاشتراط:
أحدهما: وإليه ميل صاحبَيْ "التهذيب" و"التتمة"، وإلا، فلا يكون فيما بينهم قاض ووال، فإن الرعايا لا يتمكنون من [بيعتهم]، فيتعطل الأحكام.
وأظهرهما، عند أكثرهم، وهم أصحابنا العراقيون والإمام: لأنه ثبت لأهْلِ الجمل، وأهل النهروان حكْمُ البغاة، ولم يكن فيما بينهم إمامٌ، وعن "المنهاج" للشيخ أبي محمَّد: أنه يعتبر في أهل البغْيِ وراء ما سبق ذكره شيئان آخران: أن يمتنعوا مِنْ حُكْم الإِمام، وأن يظهروا لأنْفُسهم حكماً، وقد جرى ذكرهما في وصف الشافعيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أهل البغْي ويشبه أن يقال: إنَّ هذا طريقُ مخالفةِ الإِمام، ولا بد في القوم من المخالفة؛ ليكونوَا باغين، ثم يعتبر فيهم [الصفتان] المذكورتان فليس ذلك مخالفاً لما سقناه [والله أعلم].
وقوله في الكتاب: "يمكنها مقاومة الإِمام" قصد ضبط الشوكة، [وأشار] إلى أنه لا يعتبر أن يساوي عدَدَهُم عَدَدَ أجناد الإِمام، بل يكفي أن يجسروا على المقابلة والمقاومة، ويتوقَّعوا الظَّفر، وقد تغلب الفئة القليلة الكثيرة.
وقوله "ومانعوا الزكاة وسائرِ حقوقِ [الشرع] " يدخل فيه التبعات والغرامات، والحدود، والمقصودُ ما إذا منعوها بلا شبهة ولا تأويل؛ لأن الذين منعوا بتأويل وشبهة باغون على ما قدَّمنا.
¬__________
(¬1) في أ: يشرفون.
(¬2) في ز: سببه.
(¬3) في ز: يتعطل.
(¬4) في ز: الجمع الكثير.
(¬5) سقط في ز.