كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 12)

وأما لفظ الكتاب فليعلم قوله "ذكَراً" بالحاء.
وقوله: "مجتهداً" كذ لك.
وقوله: "بصيراً" بالميم والواو.
وقوله: "والجاهل والمقلِّد" لا ضرورة إلى الجمع بين اللفظين، فإنه لو اقتصر على المقلِّد لتناول العامِّيَّ الصَّرْف وغيره، بل أهل الأصول يجعلون المقلِّد، كيف كان، جاهلاً، ويخصون في اصطلاح الباب اسم العالم بالمجتهد، وإذا جمع بينهما، فكأنه أراد بالجاهل العامِّيَّ، الصرف وبالمقلِّد الذي حصل شيئاً من العلم، ولم يبلُغْ رتبة الاجتهاد.
وقوله: "والذي يجتهدُ في مذهب أحد الأئمة، له الفتوى على وجه، ويكون مقلداً للإِمام الميت" قد عرفت أنه إذا كان المأخذ أن الميت، هل يُقَلِّد، فلا حاجة إلى كونه مجتهداً في المذهب، وليس قوله "إلا إخباراً عن مذهب الغير" وأمَّا قوله: "فلا ينتصب للقضاء فإنه يوافق ما سبق من اشتراط الاجتهاد؛ لأنه مقلد، وإن كان مجتهداً في مذهب ذلك الإِمام، قال في "الوسيط ": ويجب تقديمه للقضاء على مَنْ لم يبلغ رتبة الاجتهاد في المذهب.
قَالَ الغَزَالِيُّ: الثَّالِثَة: إِذَا نُهِيَ القَاضِي عَنْ الاسْتِخْلاَفِ لَمْ يَسْتَخْلِفْ، وَإِنْ أَطْلَقَ التَّوْلِيَةَ فَفِيهِ ثَلاَثةُ أَوْجُهٍ، وَفِي الثَّالِثِ يَسْتَخْلِفُ إِنِ اتَّسَعَتِ الخُطَّةُ وَإِلاَّ فَلاَ، وَيُشْتَرَطُ فِي الخَلِيفَةِ صِفَاتُ القُضَاةِ إِلاَّ إِذَا لَمْ يُفَوَّضْ إِلَيْهِ إِلاَّ سَمَاعُ شَهَادَةٍ وَنَقْلٍ فَلاَ يُشْتَرَطُ إِلاَّ عَلَى ذَلِكَ القَدْرِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى النَّائِبِ الحُكْمِ بِخِلاَفِ اجْتِهَادِهِ أَوْ بِخِلاَفِ مُعْتَقَدِ صَاحِبِهِ إِذَا جَوَّزْنَا تَوْلِيَةَ المُقَلِّدِ عِنْدَ الضَّرُوةِ.
__________
= وإن لم تسكن نفسه، وإن كان هناك آخر لم يلزمه بمجرد إفتائه، إذ له أن يسأل غيره، وحينئذٍ فقد يخالفه، فيجيء فيه الخلاف السابق في اختلاف المفتيين، وينبغي للمستفتي أن يبدأ من المفتين بالأسن الاعلم وبالأولى فالأولى فإن أراد جمعهم في رقعة، وإن أراد إفرادهم في رقاع، وبدأ بمن شاء، وتكون رقعة الاستفتاء واسعة، ويدعو في الورقة لمن يستفتيه، ويدفع الورقة إلى المفتي منشورة، ويأخذها منشورة، فيريحه من نشرها وطيها، وإذا لم يجد صاحب الواقعة مفتياً في بلده ولا غيره، ولا من ينقل حكمها، قال الشيخ أبو عمرو: هذه مسألة فترة الشريعة الأصولية، وحكمها حكم ما قبل ورود الشرع، والصحيح في كل ذلك أن لا تكليف ولا حكم في حقه أصلاً، فلا يؤاخذ إذا صاحب الواقعة شيء بصنعه. فهذا آخر النبذ التي يسر الله الكريم إلحاقها وهي وإن كانت طويلة بالنسبة إلى هذا المختصر فهي قصيرة بالنسبة إلى ما ذكرته في شرح "المهذب"، وموضع بسطها والزيادات والفروع هناك. وهذا الفصل مما يكثر الاحتياج إليه، فلهذا بسطناه أدنى بسط.

الصفحة 432