كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 12)
الأولُ: ما يُذْبَح، وتختصُّ التضحية بالأَنْعَامِ إجْماعًا، وقد قال تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [الحج: 28].
والأنعامُ: هي الإبِلُ والبَقَرُ والغَنَمُ، ولم يُؤْثَرْ عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا عن أصحابه -رضي الله عنهم- التضحيةُ بغيرِها.
ووجهٌ أيضاً: أن التضحيَة [عبادةٌ] (¬1) تتعلَّقُ بالحيوانِ، فتختصُّ بهذه الأنواعِ، كالزَّكَاةِ، ويُجزِئ فيها الذكرُ والأُنْثَى بالاتفاقِ، وبالقياسِ على العَقِيقَةِ.
وقد نُقل في خبر العَقِيقَةِ أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لاَ يَضُرُّكُمْ ذُكْرَاناً أَو وإِنَاثاً (¬2) " يعني الشِّيَاهَ.
وأمَّا السِّنُّ: فلا يُجْزِئُ من الضَّأْنِ إِلاَّ الْجَذَعُ والجَذَعَةُ ومن الإبل والبقرِ إِلاَّ الثنيُّ والثنيّة؛ لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "ضحوا بالجذَعِ من الضأن (¬3)، وأنه -صلى الله عليه وسلم- قال: نَعْمَ الضَحِيَّةُ الجَذَعَةُ مِنَ الضَّأَنِ" (¬4).
وعن البَراءِ بْنِ عَازِبٍ -رضي الله عنه- قال: خطبنا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يوم النَّحْرِ بعد الصلاةِ فقال: مَنْ صَلَّى صَلاتَنَا، ونَسَكَ نُسُكَنَا؛ فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ، وَمَنْ نَسَكَ قَبْلَ الصَّلاَةِ، فَتِلْكَ شاةُ لَحْمٍ فقام أبُو بُرْدَةَ بنِ نِيَارِ -رضي الله عنه-. فقال: يا رسولَ اللهِ لَقَدْ نَسَكْتُ قَبْلَ أَنْ أخْرُجَ إلى الصَّلاةِ فقال: تلك شاةُ لَحْمٍ، فقال: فإن عندي عنَاقاً جذعةً، هي خيرٌ من شَاتَيْ لَحْمٍ، فهل تجزِئُ عَنِّي؟ قال نَعَمْ، ولَنْ تُجْزِئَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ (¬5).
والمعنى فيه أَنَّ الثنَايَا (¬6) من الإِبلِ والبَقَرِ والغَنَمِ تَتَهيَّأ للحَمْلِ والنَّزَوانِ والجذاع من
¬__________
(¬1) سقط في ز.
(¬2) رواه أبو داود [2835] والترمذي [1516] والنسائي [7/ 164 - 165] والدارقطني والحاكم [4/ 237] وابن حبان [1060 موارد] من حديث أم كرز الكعبية: أنها سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن العقيقة، فقال: عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة، لا يضركم ذكرانًا كن أم إناثًا، لفظ الترمذي. رواه ابن ماجة [3162].
(¬3) رواه أحمد [6/ 368] وابن جرير الطبري والبيهقي [9/ 271]، من حديث أم بلال قالت: قال رسول الله فذكره، ورواه ابن ماجة [3139] من حديث أم بلال بنت هلال عن أبيها بلفظ: يجوز الجذع من الضأن أضحية، وأشار الترمذي إلى هذه الرواية.
(¬4) أخرجه الترمذي [1499] من حديث أبي هريرة وفيه قصة، وقال: غريب، وقد روي مرقوفًا، وفي الباب عن جابر وعقبة بن عامر وأم بلال بنت هلال عن أبيها، وحديث عقبة رواه ابن وهب بلفظ: ضحينا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بجذع من الضأن.
(¬5) أخرجه البخاري [951 و 955 و 965 و 968 و 976 و 983، مسلم 1961] واللفظ هنا لرواية أبي داود، إلا أنه قال: بدل فلا نسك له، فتلك شاه لحم.
(¬6) في ز: الضحايا.