كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 13)

وقوله: "وإن كانَتْ بعقوبةٍ" بالواو.
وقوله: "وكلُّ من يستحق النفقة لاَ حَاجَةَ إِلَيْه" لأن المقصود هاهنا الاستحقافُ بجهة القرابة.
وفي قوله: "بل الأصول والفروع" ما يفيد الضبْطَ.
فرع: عَبْدٌ في يد زيدٍ ادَّعَى مدعٍ أنه اشتراه منْ عَمْرو بعْدما اشتراه عمْروٌ من زيد صاحب اليد، وقبضه، وطالبه بالتسليم، وأنكر زيْدٌ جميعَ ذلك، فشهد ابناه للمدَّعِي بما يقوله، حكى القاضي أبو سعْدِ فيه قولَيْن.
أَحَدُهُمَا: ردّ شهادتهما؛ لتضمُّنها إثباتَ المِلْك لأبيهما.
وأصحُّهُما: القَبُولُ؛ لأن المقصود بالشهَادَةِ في الحال المدَّعِي، وهو أجنبيٌّ عنهما، والله أعلم.
قَالَ الغَزَالِيُّ: الثَّالثُ: العَدَاوَةُ: فَلاَ تُقْبَلُ عَلَى العَدُوِّ وَتُقْبَلُ لَهُ، وَالعَدَاوَةُ هِيَ الَّتِي تُظْهرُ الغَضَبَ وَتَحْمِلُ عَلَى الفَرَحِ بِالمُصِيبَةِ وَالغَمِّ بِالسُّرُورِ، وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ لِلصَّدِيقِ وَالأَخِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: ومن أسباب التُّهمة العداوةُ، فلا تُقْبَلُ شهادة العدُوِّ على العدُوِّ، خلافاً لأبي حنيفة.
لنا مَا رويَ أنَّه -صلى الله عليه وسلم- قال: "لاَ تُقْبَلُ شَهَادَةُ خَائِنٍ، ولا خَائِنَةٍ، وَلاَ ذِي غُمْرٍ عَلَى أَخِيهِ" (¬1) وَيُرْوَى "لاَ تُقْبَلُ شَهَادَةُ خَصْمٍ وَلاَ ظَنِينٍ" (¬2) قيل: المرادُ من الخَصْم العدُوُّ، والعداوةُ التي تُردُّ بها الشهادةُ هي التي تَبْلُغُ حداً يتمنَّى هذا زوالَ نعْمة ذاك، ويَفْرَح بمصيباته، ويحْزَنُ بمسراته، وذلك قد يكون من الجانبَيْنِ، وقد يكون من أحدهما،
¬__________
(¬1) تقدم.
(¬2) تقدم من طريق عبد الله بن عمرو بزيادة واو بمعناه ورواه مالك من حديث عمر موقوفاً وهو منقطع: وقال الإِمام في النهاية: اعتمد الشافعي خبراً صحيحاً وهو أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: لا تقبل شهادة خصم على خصمه، قلت: ليى له إسناد صحيح، لكن له طرق يقوي بعضها ببعض، وروى أبو داود في المراسيل من حديث طلحة بن عبد الله بن عوف: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث منادياً إنه لا تجوز شهادة خصم، ولا ظنين، وروي أيضًا والبيهقي من طريق الأعرج مرسلاً: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا تجوز شهادة ذي الظنة، والجنة، يعني الذي بينك وبينه عداوة، وروى الحاكم من حديث العلاء عن أبيه عن أبي هريرة رفعه مثله، وفي إسناده نظر، وفي الترمذي من حديث عائشة في حديث أوله: لا تجوز شهادة خائن، الحديث، وفيه: ولا ذي غمر على أخيه، ولأبي داود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مثله، وقد تقدما في أوائل الباب.

الصفحة 28