كتاب الأزمنة وتلبية الجاهلية
قال ذو الرُّمَّةِ (9) :
(وبَيْتٍ بموماةٍ خَرَقْتُ سماءه ... إلى كوكبٍ يَزْوِي له الوَجْهَ شارِبُهْ)
وقد يجوزُ أنْ يكونَ جمعَ سَمَاوَةٍ. والسمَاوَةُ: أَعْلَى كلِّ شيءٍ، فيصيرْ مذكَّراً في لغةِ مَنْ ذَكَّرَ جراداً وجرادةً، وتَمْراً وتَمْرَةً، ويكونُ قولُ اللهِ تعالى: {السماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ} (10) على ذلك. قال رجلٌ من بني سعد (11) :
(زهْرٌ تَتَابَعُ في السماءِ كأنَّما ... جِلْدُ السماءةِ لؤلؤٌ منثورُ)
فأدخلَ الهاءَ فأَنَّثَ. قالَ جَنْدَلُ بنُ المثنَّى الطّهوِيّ (12) :
(يا ربّ ربّ الناسِ في سماتِهِ ... )
فقَصَرَها وأَدْخَلَ الهاءَ أيضاً.
وقالوا: سماءٌ وأَسْمِيَةٌ. فهذا إنَّما يجيءُ على جَمْعِهِ (2 أ) مذكَّراً لمن قالَ: هذا سماءٌ، لأنّ (أَفْعِلَة) مِن جمعِ المذكّرِ، مِثل غطاءٍ وأَغْطِيَةٍ ودواءٍ وأَدْوِيَةٍ.
وقد يكونُ على (أَفْعُل) مثل ذِراعٍ وأَذْرُعٍ. وقالَ العَجَّاجُ (13) :
(تَلُفُّهُ الرياحُ والسُّمِيُّ ... )
كأَنَّهُ جَمْعٌ على تأنيثِ السماءِ، مِثْلُ عَناقٍ وعُنُوقٍ.
وقالَ: هذا بَطْنُ السماءِ، وهذا ظَهْرُ السماءِ، لظاهِرِها الذي تراهُ، قالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {رَواكِدَ على ظَهْرِهِ} (14) . وقالوا: الظَهْرُ الوَجْهُ.
[ومن أَسماءِ السماءٍ] (15) : بِرْقِعُ (16) ، وقال أُمَيَّةُ (17) :
(وكأنّ بِرْقِعَ والملائكَ حَوْلَها ... سَدِرٌ تواكَلَهُ القوائمُ أَجْرَدْ)
__________
(9) ديوانه 852.
(10) المزمل 18. وينظر: المذكر والمؤنث للمبرد 103 - 104، المذكر والمؤنث لابن التستري 83.
(11) الأزمنة والأمكنة 2 / 3.
(12) الأزمنة والأمكنة 2 / 3.
(13) ديوانه 1 / 512.
(14) الشورى 33.
(15) يقتضيها السياق.
(16) الأزمنة والأمكنة 2 / 4، المخصص 9 / 6.
(17) ديوانه 358.
الصفحة 12
76