كتاب الأزمنة وتلبية الجاهلية

(لقد رأيتُ عَجَباً مُذْ أَمْسَا ... )
(عجائزاً مثلَ الأفاعي خَمْسَا ... )
فكأنَّهُ تَرَكَ صرفَهُ في لُغَةِ مَنْ جَرَّ بمُذْ. وقالَ عَدِيُّ بنُ زَيْدٍ (152) :
(أَتَعْرِفُ أمسِ من لَمِيسَ طَلَلْ ... مِثْلَ الكتابِ الدارسِ الأَحْوَلْ)
من حالَ يحولُ عليه الحَوْلُ.
قالَ أبو عليٍّ: أَظنّه حكى عن الخليل (153) ِ أنَّهُم أرادوا بأمسِ، حين خفضوا: رأيته بالأمسِ، حينَ حذفوا الباءَ والألفَ واللامَ، كما قالوا: خَيْرٍ عافاكَ اللهُ، يريدون: بخيرٍ. وكما قالوا: لاهِ أًبوكَ، يريدون: للهِ أبوكَ. وقال ذو الإصبَعِ (154) :
(لاهِ ابنُ عَمِّكَ لا أَفضَلْتَ في حَسَبٍ ... دوني ولا أنْتَ دَيَّاني فتخزوني)
أي تقهرني، فحذفَ لامَ الإضافةِ ولام المعرفةِ. وهذا تَقْوِيَةٌ لمذهب الخليلِ. ومثلُهُ قولُ الآخرِ (155) :
(طالَ الثواءُ وليسَ حينَ تقاطُعٍ ... لاهِ ابنُ عَمِّكَ والنَّوَى تَعْدُوه)
(8 ب) فإذا أَدْخَلْتَ الألفَ واللام في (أمْس) فبعضُ العَرَبِ ينصبُهُ [ويقولُ] (156) : رأيتُهُ الأَمْسَ. وبَعْضُهُم يخفضُهُ كحالِهِ قبلَ اللامِ، فيقولُ: رأيتُهُ الأَمْسِ يا هذا، فيما زَعَمَ يُونسُ. وقالَ الراجِزُ (157) :
(غُضْفٌ طواها الأَمْسَ كَلاَّبِيُّ ... )
فنَصَبَ. وقالَ نُصَيْبٌ (158) :
(وإنِّي حُبِسْتُ اليومَ والأَمْسِ قَبْلَهُ ... ببابِكَ حتى كادتِ الشَّمْسُ تغربْ)
__________
(152) ديوانه 157.
(153) ينظر: الكتاب 1 / 294. والخليل بن أحمد الفراهيدي، توفي سنة 170 هـ. (أخبار النحويين البصريين 30، طبقات النحويين واللغويين 47) .
(154) ديوانه 89.
(155) بلا عزو في الأزمنة والأمكنة 1 / 244 وفيه: لعدو. وعجز البيت في اللسان (أله) وفيه: والنوى يعدو.
(156) من الأزمنة والأمكنة 1 / 244 نقلا عن قطرب.
(157) العجاج، ديوانه 1 / 518.
(158) شعره: 62.

الصفحة 32