كتاب بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

مع شدَّة جوعِه يحذرُ الحَبَّ الملقى خوفًا من دفينةْ فخٍّ توجِبُ تعرقلَ: الجناح، وتضييعُ ما حمل، فإذا بلَّغَ الرسالةَ أطلقَ نفسَهُ ديَ أغراضِها داخل البُرْج.
فيا حاملي كتُب الأمانة أكثركم على غير الجادَّة، وما يستدلُّ منكمْ من قد رَاقَهُ الحَبُّ، فنزل [ناسيًا] (¬١) ما حمل فارتُهِنَ وَذبحَ، ومنكم منْ تعرْقَل جناحُه وهو ينتظر الذبحَ، فلا الحَبَّةُ حصلتْ ولا الرسالةُ وصلتْ:
قَطَاةٌ غَرَّهاْ شَرَكٌ فباتَت ... تُجَاذِبُه وقد عَلِقَ الجناحُ
فلا في اللَّيلِ نالتْ ما تَمَنَّتْ ... ولا في الصُّبْح كان لها سَراحُ
لو صابرتم مشقَّةَ الطَّرِيقِ (ق / ٢٩٤ ب)، لانتهى السفرُ، فتوطَّنتُمْ مستريحينَ فِى جنَّات عَدْن، يا مهملينَ النظرَ في العواقب أسلفوا في وقت الرُّخص، فما يؤمَن تغْيُّرُ الأسعارِ، لا ترم بسهام النظر فإنها واللهِ: فيك تقعُ، ربَّ راعي مُقْلة أهملها فأُغِيرَ على السَّرْح (¬٢).
كلُّ الحوادثِ مَبْداها من النَّظَرِ ... ومعظم النَّار من مستصغرِ الشَّرَرِ
كم نظرةٍ فعلتْ في قلب ناظرِها .... فعلَ السِّهامِ بلا قوسٍ، وَتَرِ (¬٣)
* غيره:
وأرى السِّهامَ تؤم (¬٤) من يرمي بها ... فعلامَ سهمُ اللَّحْظِ يُصْمِي من رَمَى (¬٥)
---------------
(¬١) من "المدهش".
(¬٢) "المدهش": (ص ٤٧٣/ -٤٧٥).
(¬٣) تقدم الكلام عليهما.
(¬٤) (ق وظ): "نام" و (ع): "تام"، والمثبت من "المدهش".
(¬٥) البيت في "المدهش": (ص / ٤٥٨).

الصفحة 1212