كتاب بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

عامًّا، فحَمْله على المقيد لا يكون مخالفة لظاهره ولا تخصيصًا.
وإذا كان الإطلاقُ في النهي، فإنه يعم ضرورة عموم النكرة في سياق النهي، فإذا حُمل عليه (¬١) مقيَّد آخرُ كان تخصيصًا.
ومثاله قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يمْسِكَنَّ أحَدكم ذَكرَه بيَمِينِه" (¬٢) فهذا عامّ في الإمساك وقتَ البول ووَقت الجِماع، وغيرهما، وقال: "لا يمْسِكَن أحدكم ذَكره بيَمِينِهِ وهو يَبوُل" (¬٣) فهذا مقيد بحالة البول، فحَمْل الأول عليه تخصيص محض.
فائدة (¬٤)
حملُ المطلق على المقيَّد مشروط بأن لا يقيدَ بقيدَيْنِ متنافيين، فإن قيِّدَ بقيدينِ متنافيينِ أمتنع الحمل وبقي على إطلاقه، وعلم أن القيدينِ تمثيل لا تقييدٌ، مثاله قوله - صلى الله عليه وسلم - في ولوغ الكلب: "فَلْيَغْسِلْهُ سَبعَ مَرَّات إحْدَاهن بالتراب" (¬٥) مطلق، وفي لفظ: "أولاهنّ" (¬٦) وهذا مقيد بالأول.
َ وفي لفظ "أخْرَاهُن" (¬٧) وهذا مقيد بالآخرة، فلا يحمل على
---------------
(¬١) (ع وظ): "على".
(¬٢) أخرجه البخاري رقم (١٥٤)، ومسلم رقم (٢٦٧) من حديث أبي قتادة الأنصاري -رضي الله عنه-.
(¬٣) لحديث السالف، وهذا لفظ مسلم.
(¬٤) "الفروق": (١/ ١٩٢).
(¬٥) أخرجه البخاري رقم (١٧٢)، ومسلم رقم (٢٧٩) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(¬٦) هذا اللفظ في مسلم.
(¬٧) أخرجه الترمذي رقم (٩١)، والبيهقي: (١/ ٢٤١).

الصفحة 1243