كتاب بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)
فجوابه: أن استحقاقَ خصمِهِ للنصفِ لم يكن مستنِدًا إلى إقراره له به، بل النصفُ له، سواءٌ أقرَّ له به خصمُه أو نازعَهُ، فإقرارهُ إنما زادَه تأكيدًا، ويدُ كلِّ منهما مثبتةٌ (¬١) لنصف المُدَّعَى، وأحدُهما يقول لصاحبه: ليست يَدُكَ يدَ عُدْوانٍ، والآخرُ يقولُ لُمدَّعي النِّصفِ: يَدُكَ يدُ عُدْوانٍ، فلو قضينا له بشيءٍ مما بيدِ خصمِه لقضينا له بمجرَّدِ قولِهِ ودعواه، وهذا لا نَصَّ ولا قياسَ، واللهُ أعلم.
وقال له رجل: أكري نفسي لرجلٍ أُلْزِمُ له الغُرَماء؟ قال: غيرُ هذا أعجبُ إليَّ.
وسمعته يقول: ما أقلَّ بَرَكَةَ بيْع العقار إذا بيع.
وقيل له: ما تقولُ في رجل اكترى من رجل دارًا، فوجد فيها كناسةً، فقال صاحب الدار: لم يكن هذا في داري، وقال السَّاكنُ: بل (¬٢) قد كان في دارِك؟ فقال هو على صاحبِ الدار.
سألتُ أبا عبد الله عن الصَّائغ يغسلُ الفِضَّةَ بدُرْدِي (¬٣) الخمر؟ قال: هذا غِشٌّ، لعلَّ الفضة تكون سوداء فَتَبْيَضُّ.
أملى عَليَّ أبو عبد الله: إنما على الناس اتِّباعُ الآثارِ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومعرفةُ صحيحها من سقيمها، ثم بعد ذلك قولُ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا لم يكنْ قولُ بعضِهم لبعض مخالفًا (¬٤)، فإن اختلفَ نُظِرَ في الكتاب، فأيُّ قولهم كان أشبَهَ بالكتابِ أُخِذَ به،
---------------
(¬١) (ع): "مبينة".
(¬٢) (ق وظ): "بلى".
(¬٣) الدُّرْدي: ما يبقى في أسفل كل مائع كالأشربة والأدهان. "اللسان": (٣/ ١٦٦).
(¬٤) في النسخ بالرفع. ويصح أن تكون الجمل التي بعدها مبنية للمعلوم.