كتاب بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)

منزله، فأين هذا من أوصاف الأرض في القرآن؟!.
الحادىِ عشر: أن الله تعالى وصفَ الأرضَ بالبركةِ في غيرِ موضع من كتابهِ خصوصًا، وأخبر أنه باركَ فيها عمومًا، فقال: {أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٩) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (١٠)} [فصلت: ٩، ١٠] فهذه بركةٌ عامَّةٌ.
وأما البَرَكَةُ الخاصَّةُ ببعضها فكقوله: {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ (٧١)} [الأنبياء: ٧١]، وقوله: {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً} [سبأ: ١٨]، وقوله: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} [الأنبياء: ٨١].
وأما النار؛ فلم يخبرْ أنه جعل فيها بَرَكَة أصلًا، بل المشهورُ أنها مُذْهِبَةٌ للبركات (¬١) ماحقةٌ لها، فأين المبارَك في نفسِه المبارَك فيما وُضِع فيه، إلى مُزِيلِ البركةِ وما حِقِها؟!.
الثاني عشر: أنَّ الله تعالى جعلَ الأرضَ محلّ بيوتهِ التي يُذكَرُ فيها اسمه، ويسبَّحُ لها فيها بالغدوِّ والآصال عمومًا، وبيته الحرام الذي جعلَه قياماً للناسِ مباركاً وهدىً للعالمين خصوصًا، (ظ /٢٥٥ أ) ولو لم يكنْ في (ق/٣٦٧ أ) الأرضِ إلَّا بيته الحرامُ لكفاها ذلك شَرَفًا وفضلًا على النار.
الثالث عشر: أنَّ اللهَ تعالى أوْدَعَ في الأرض من المنافع والمعادنِ، والأنّهارِ والعيونِ، والثمراتِ والحبوبِ، والأقواتِ، وأصنافَ الحيواناتِ
---------------
(¬١) (ظ): "للبركة".

الصفحة 1557