كتاب بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)
بَدَأني وَلَيْسَ أوَّلُ الخَلْقِ بأَهْوَنَ عَلَيَّ (¬١) مِنْ إعادَتِهِ".
وقال عمرُ بن الخطّاب في النَّصارى: "أَذلُّوهم ولا تَظْلِمُوهم، فلقد سَبُّوا اللهَ مَسَبَّةً ما سَبَّة إيّاها أحَدٌ من البَشَر" (¬٢)، وقال تعالى: {وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (٤) مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (٥)} [الكهف: ٤ - ٥]، وأخبر تعالى: أن السماوات كادت تنفطر من قولهم هذا وتنشق الأرض منه وتخر الجبال هدًّا (¬٣)، وما ذاك إلا لتضمُّنه شتمَ الرَّبِّ تبارك وتعالى، والتنَقُّصَ به، ونسبة ما يمنع كمال ربوبِيته، وقدرته وغناه إليه.
الحجة الثالثة: قوله تعالى: {إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [مريم: ٣٥] وتقريرُ هذه الحُجَّةِ: أن من كانت قدرتُهُ تعالى كافية في إيجاد ما يريدُ إيجادَهُ بمجرَّدِ أمرِه، وقوله: "كنْ"، فأيُّ حاجة به إلى ولدٍ؟، وهو لا يتكثَّرُ به من قِلَّة، ولا يَتَعَزَّز (¬٤) به، ولا يستعينُ به، ولا يعجز عن خلقِ ما يريدُ خَلْقهُ، وإنما يحتاج إلى الولدِ من لا يخلُق، ولا إذا أراد شيئًا قال له: كنْ فيكون، وهو (¬٥) المخلوقُ العاجزُ المحتاجُ الذي لا يقدِرُ على تكوينِ ما أراد.
وقد ذكر تعالى حُجَجًا أخرى على استحالةِ نسبة الولد إليه، فنذكرُها في هذا الموضع:
---------------
(¬١) (ع وق): "عليه".
(¬٢) لم أعثر عليه.
(¬٣) كما في سورة مريم آية (٩٠).
(¬٤) (ق): "ولا يتكبر ولا يتعزّز".
(¬٥) (ع): "وهذا".