كتاب بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)

ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يتمنَّينَّ أحدكم الموت لضرٍّ نزل له، فأمَّا محسنٌ فلعلَّه أن يزداد، وإما مسيءٌ فلعلَّه أن يستَعتِب" (¬١) أي: يطلب من ربِّه إعتابه إيِّاه بتوفيقه للتَّوبة وقبولها منه، فيزول عتبهُ عليه.
والاستعتاب نظير الاسترضاء، وهو طلب الرِّضى، وفي الأثر: إنَّ العبد ليسترضى ربَّه (ق/٣٨٦ أ) فيرضى عنه، وإن الله ليسترضي فيرضى.
لكنِّ الاسترضاء فوق الاستعتاب، فإنه طلب رضوان الله، والاستعتاب طلب إزالة غضبه وعتبه، وهما متلازمان.
رجعنا إلى (استطاع): وفيها خمس (¬٢) لغات، هذه إحداها.
الثانية: اسطاع، بحذف تاء الافتعال تخفيفًا ومنه قوله تعالى: {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ} [الكهف: ٩٧].
الثالثة، اصطاع، بالصَّاد، وفيه أمران؛ أحدهما: حذفُ التاء،
والثاني: إبدال السين صادًا لأجل مجاورتها الطاء.
الرابعة (¬٣) اسطَّاع، بإدغام التاء (¬٤) في الطَّاء، وهو إدغامٌ على خلاف القياس؛ لأنَّ فيه التقاء السَّاكنين على غير حدِّهما.
الخامسة: أسطاع، بفتح الهمزة وقطعها وهي أشكَلُها، فقال سيبويه (¬٥): السين عوضٌ عن ذهاب حركة العين؛ لأن أصله "أطوع"
---------------
(¬١) أخرجه البخاري رقم (٥٦٧٣) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(¬٢) (ق وظ): "أربع" وهو خطأ.
(¬٣) (ق وظ): "الثالثة" وما بعدها "الرابعة" وهو وهم.
(¬٤) (ق وظ): "السين"!.
(¬٥) انظر: "سر صناعة الإعراب" (١/ ٢٠٠ - ٢٠١)، و"اللسان": (٨/ ٢٤٢ - ٢٤٣)، وفيهما تعقُّب المبرّد.

الصفحة 1624