كتاب بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)

فائدة
قوله تعالى لإبليس: {اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا (٦٣)} [الإسراء: ٦٣] أعاد الضمير بلفظ الخطاب، وإن كان {فَمَنْ تَبِعَكَ} يقتضي الغيبة؛ لأنه اجتمع مخاطبٌ وغائبٌ، فغلِّب المخاطب، وجعل الغائب تبعًا له، كما كان تبعًا له في المعصية والعقوبة، فحسن أن يجعل تبعًا له في اللفظ، وهذا من حسن (¬١) ارتباط اللفظ بالمعنى واتِّصاله به.
وانتصب {جَزَاءً مَوْفُورًا (٦٣)} عند ابن مالك على المصدر، وعامله عنده المصدر الأوِّل.
قال (¬٢): والمصدرُ يعمل في المصدر، تقول: "عجبت من قيامك قيامًا"، ويعمل فيه الفعل نحو: "قام قيامًا"، واسم الفاعل: كقوله (¬٣):
فَأَصْبَحتُ لا أقرَبُ الغَانِيَا ... تِ مُزدَجِرًا عَنْ هَوَاها ازدِجَارا
واسم المفعول نحو: "هو مطلوبٌ طلبًا".
وبَعْدُ؛ ففي نصب (ق/٣٨٧ ب) "جزاء" قولانِ آخرانِ:
أحدهما: أنه منصوبٌ بما في معنى: {فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ} [الإسراء: ٦٣] من الفعل، فإنه متضمِّنٌ لـ "تجازون" وهو الناصب "جزاءً".
والثاني: أنه حالٌ، وساغ وقوع المصدر حالًا هاهنا؛ لأنه موصوفٌ.
---------------
(¬١) (ق): "وهو من أحسن ... ".
(¬٢) يعني ابن مالك، ولم أعثر على كلامه في "التسهيل" ولا في "شرح الكافية".
(¬٣) هو الأعشى "ديوانه": (ص/ ٨٠).

الصفحة 1630