كتاب بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

يقصدون الإخبار الكذب، ليترتب عليه التحريم، بل كانوا إذا أرادوا الطلاق أتوا بلفظ الظهار إرادةً للطلاق؛ ولم يكونوا عند أنفسهم كاذبين في ذلك (¬١)، ولا مخبرين، وإنّما كانوا منشئين للطلاق به.
ولهذا كان هذا (¬٢) ثابتًا في أول الإسلام حتَّى نسخه الله بالكفارة في قصة خولة (¬٣) بنت ثعلبة، كانت تحت عُبادة بن الصامت (¬٤)، فقال لها: "أنت عليَّ كظهر أُمي"، فأتت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فسألته عن ذلك؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "حَرُمُت عَلَيْهِ"، فقالت: يا رسول الله، والذي أنزل عليك الكتاب، ما ذكر الطلاقَ، وإنه أبو ولدي، وأحب الناس إليَّ فقال: "حَرُمْتِ عَلَيْهِ"، فقالت: أشكو إلى الله فاقتى وَوَحْدتي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا أُرَاكِ إلِّا قَدْ حَرُمْتِ عَلَيْهِ، وَلَمْ أُؤْمَرُ فِي شَأْنِكِ بِشَيءٍ"، فجَعَلَتْ تراجعُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وإذا قال لها: حَرُمْتِ عَلَيْهِ" هتفت وقالت: أشكو إلى الله فاقتي وشدة حالي، وأن لي صِبْيَة صغارًا إن ضممتهم إليه ضاعوا، وإن ضممتهم إليَّ جاعوا، وجعلت ترفع رأسها إلى السماء وتقول: اللهم إنِّي أشكو إليك، وكان هذا أول ظهار في الإسلام، فنزل الوحي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما قُضي الوحي قال: "ادْعِي زَوْجَكِ" فتلا عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - {قَدْ سَمِعَ اللهُ} [المجادلة: ١] الآيات (¬٥).
---------------
(¬١) من (ق).
(¬٢) ليست في (ق).
(¬٣) على خلافٍ في اسمها واسم أبيها، انظر "الإصابة": (٤/ ٢٨٩).
(¬٤) كذا في الأصول، وجاء كذلك في بعض الروايات، وهو وهم، والصواب: أنها كانت تحت أوس بن الصامت أخي عبادة، انظر: "الإصابة": (٤/ ٢٩١)، و"الاستيعاب" بهامشها.
(¬٥) أخرجه أبو داود رقم (٢٢١٤)، وعلقه البخاري في الصحيح "الفتح": (١٣/ ٣٨٤)، =

الصفحة 24