كتاب بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
الكلمة آخرها نونًا وفي أولها، إشارةً إلى الأصل المتقدم الذي لم يمكنهم الإتيان به، وهو تثنية "أنا"، التي هى بمنزلة عطف اللفظ على مثله، فإذا لم يُمكنهم ذلك في (¬١) اللفظ مثنًّى، كانت النون المكررة تنبيهًا عليه وتلويحًا عليه. وخُصَّت النونُ بذلك دون الهمزة؛ لما تقدم من اختصاص ضمير [الجمع] بالنون، وضمير المتكلِّم بالهمزة، ثم جعلوا بين النونين "حاءً" ساكنة لقربها من مخرج الألف الموجودة في ضمير المتكلم قبل النون وبعدها، ثم بنوها على الضم -دون الفتح والكسر- إشارةً إلى أنه ضمير مرفوع.
وشاهِدُه ما قلناه في الباب (¬٢) -من دلالة الحروف [لمقطعة] (¬٣) على المعاني والرمز بها إليها- وقوعُ ذلك فى منثور كلامهم ومنظومه. فمنه:
* قلتُ لها: قِفِي قالت: قاف (¬٤) *
ومنه: ألاتا؟ فيقول الآخر: ألافا. يعني: ألا ترتحل، فيقول: ألا فارتحل. ومنه:
بالخيرِ خيرات وإن شرًّا فا ... ولا أريدُ الشرَّ إلا أن تا (¬٥)
---------------
(¬١) ليست في "النتائج".
(¬٢) من قوله: "والرمز بالشفتين ... " ص/٣١٣، إلى هنا ساقط من (ظ ود).
(¬٣) (ق): "اللفظية".
(¬٤) وتمامه: * لا تَحْسَبِينا قد نَسيْنا الإيجاف *.
وهو للوليد بن عقبة بن أَبي مُعيط، انظر "شرح شواهد الشافية": (٤/ ٢٧١)، ومعنى قاف: أي: أقف.
(¬٥) الرجز للقيّم بن أوس، وهو من شواهد "الكتاب": (٢/ ٦٢) وانظر: "شرح شواهد الشافية": (٤/ ٢٦٤)، و "النوادر": (ص/ ١٢٦) لأبي زيد.
والمعنى: إن شرٌّ فشر، ولا أُريد الشرَّ إلا أن تشاء.