كتاب بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وبهذا أجاب أهلُ السنة المعتزلةَ القائلين بخلق القرآن، وقالوا: كلامه تعالى داخل في مسمَّى اسمه. فالله تعالى اسم للذات (¬١) الموصوفة بصفات الكمال، ومن تلك الصفات: صفة الكلام، كما أن علمه وقدرته وحياته وسمعه وبصره غير مخلوقة.
وإذا كان القرآنُ كلامه، وهو صفة من صفاته؛ فهو متضمن لأسمائه الحسنى، فإذا كان القرآن غير مخلوق (¬٢)، ولا يقال: إنه غير الله، فكيف يقال: إن بعض ما تضمنه، وهو أسماؤه: مخلوقة، وهي غيره؟! فقد حَصْحَصَ الحق بحمد الله، وانحسم الإشكال، وأن أسماءه الحسني التي في القرآن من كلامها، وكلامه غير مخلوق، ولا يقال: هو غيره، ولا هو هو، وهذا المذهب مخالف لمذهب المعتزلة الذين يقولون: أسماؤه تعالى غيره، وهي مخلوقة. ولمذهب من ردِّ عليهم ممن يقول: اسمه نفس ذاته لا غيره. وبالتفصيل تزول الشُّبَه، ويتبين الصواب، والحمد لله.
حجة ثانية لهم (¬٣)، قالوا: قال تبارك وتعالى: {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ} [الرحمن: ٧٨]، {وَاذكُرِ اسْمَ رَبِّكَ} [المزمل: ٨]، {سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ} [الأعلى: ١].
وهذه الحجة عليهم في الحقيقة؛ لأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - امتثل هذا (¬٤) الأمر، وقال: "سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي العظيم"، ولو كان "الأمر كما زعموا؛ لقال: "سبحان اسم ربي العظيم"
---------------
(¬١) (ظ ود): "الذات".
(¬٢) من قوله: "وإذا كان ... " إلى هنا ساقطة من (ق) وهو انتقال نظر.
(¬٣) انظر: "نتائج الفكر": (ص/ ٤٣).
(¬٤) ليست في (ق).

الصفحة 32