كتاب بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

ثم إن الأمة كلهم لا يجوِّز أحد منهم أن يقول: "عبدت اسم ربي"، ولا "سجدت لاسم ربي"، ولا "ركعت لاسم ربي"، ولا "باسم ربي ارحمني"، وهذا يدل على أن هذه (¬١) الأشياء متعلقة بالمسمَّى لا بالاسم.
وأما الجواب عن تعلق الذكرِ والتسبيحِ المأمور به بالاسم، فقد قيل فيه: إن التعظيم والتنزيه إذا وجب للمعظم، فقد تُعَظم ما هو من سببه (¬٢) ومتعلق به، كما يقال: "سلامُ على الحضرة العالية، والباب السَّامي والمجلس الكريم" ونحوه.
وهذا جواب غير مَرْضيٍّ (¬٣) لوجهين:
أحدهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يفهم هذا المعنى، وإنّما قال: "سبحان ربي"، فلم يعرِّج على ما ذكرتموه.
الثاني: أنَّه (¬٤) يلزمه أن يطلق على الاسم التكبير والتحميد والتهليل، وسائر ما يطلق على المسمَّى، فيقال: "الحمد لاسم الله، ولا إله إلا اسم الله"، ونحوه، وهذا مما لم يقله (¬٥) أحد.
بل الجواب الصحيح: أنَّ الذكر الحقيقي محلُّه القلب، لأنَّه ضد النسيان، والتسبيح نوع من الذكر، فلو أطلق الذكر والتسبيح، لما فُهِم منه إلا ذلك، دون اللفظ باللسان، والله تعالى أراد من عباده
---------------
(¬١) من (ق).
(¬٢) في (ظ): "شبيه"! والتصويب من (ق ود) و"النتائج".
(¬٣) هذا الجواب لأبي حامد الغزالي في كتابه: "المقصد الأسني": (ص / ٣٨).
(¬٤) (ظ ود): "أن".
(¬٥) (د): "يقل به".

الصفحة 33