كتاب بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

لا تخلو من أحد أمرين: إما أن تكون كالحجارة، وإما أن تكون أشدَّ قسوة، ومنها ما هو كالحجارة (¬١)، ومنها ما هو أشد قسوة منها. ومن هذا قول الشاعر:
فقلتُ لهم (¬٢): ثنتان، لابُدَّ منهما ... صُدُورُ رِماحٍ أُشْرِعَتْ أو سَلاسِلُ
أي: لابد منهما في الجملة، ثم فَصَّل الاثنين بالرماح والسلاسل، فبعضهم له الرماح قتلاً (¬٣)، وبعضهم له السلاسل أسرًا، فهذا على التفصيل والتعيين، والأول على الجملة، فالأمران واقعان جملة وتفصيلهما بما (¬٤) بعد "أو". وقد يجوز في قوله تعالى: {أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً}، أن يكون مثل "مائة ألف أو يزيدون".
وأما "أو" التي للتخيير فالأمر فيها ظاهر.
وأما "أو" التي زعَموا أنها للإباحة، نحو: "جالِسِ الحسنَ أو ابنَ سيرين"، فلم توجد الإباحة من لفظ "أو" ولا من معناها، ولا تكون "أو" قط للإباحة وإنما أخذت من لفظ الأمر الذي هو للإباحة، ويدل على هذا: أن القائلين بأنها للإباحة يلزمهم أن يقولوا: إنها للوجوب إذا دخلت بين شيئين لابد من أحدهما، نحو قولك للمكفِّر: أطعم عشرةَ مساكين أو اكسهم، فالوجوب هنا لم يؤخذ من "أو" وإنما أخذ من الأمر، فكذا جالِسِ الحسنَ أو ابنَ سيرين.
---------------
(¬١) "ومنها ما هو كالحجارة" سقط من (د).
(¬٢) كذا، والبيت في "الأغاني": (١٣/ ٤٧)، و"مغني اللبيب" رقم (٩٦) والرواية فيهما: فقالوا لنا: ثنتان .. ، وهو لجعفر بن عُلْبَة الحارثي.
(¬٣) سقطت من (ق).
(¬٤) (ق): "وتفصيلاً وهما بما".

الصفحة 346