كتاب بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

ما أكلت إلا اسم الخبز، بل هذا النفي أبلغ في آلهتهم؛ فإنه لا حقيقةَ لإلهيتها بوجهٍ، وما الحكمة (¬١) ثَمَّ إلا مجرد الاسم، فتأمَّل هذه الفائدة الشريفة في كلامه تعالى.
فإن قيل (¬٢): فما الفائدة (¬٣) في دخول الباء في قوله: {فَسَبِّحْ بِاْسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٧٤)} [الواقعة: ٧٤]، ولم تدخل في قوله: {سَبِّحْ اسْمِ رَبِّكَ الْأَعَلَى (١)} [الأعلى: ١].
قيل: التسبيح يراد به التنزيه والذكر المجرد دون معنى آخر، ويراد به ذلك مع الصلاة، وهو ذكر وتنزيه مع عمل، ولهذا تسمَّي الصلاة: تسبيحًا، فإذا أُريد التسبيح المجرد (¬٤)؛ فلا معنى للباء؛ لأنَّه لا يتعدى بحرف جر، لا تقول: سبحت بالله، وإذا أردت المقرون بالفعل، وهو الصلاة، أدخلت الباء تنبيهًا على ذلك المراد، كأنك قلت: سبح مفتتحًا باسم ربك، أو ناطقًا باسم ربك، كما تقول: صل مفتتحًا أو ناطقًا باسمه، ولهذا السر -والله أعلم- دخلت اللام في قوله تعالى: {سَبَّحَ لِلِّهِ مَا فِي الْسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الحديد: ١] والمراد التسبيح الَّذي هو السجود، والخضوع، والطاعة، ولم يقل في موضع: سبح الله ما في السموات والأرض (¬٥)، كما قال: {وَلِلِّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السِّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الرعد: ١٥]، وتأمل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (٢٠٦)} [الأعراف: ٢٠٦] فكيف
---------------
(¬١) سقطت من (ق).
(¬٢) انظر: "نتائج الفكر": (ص/ ٤٦).
(¬٣) (ق): (الحكمة).
(¬٤) سقطت من (ق).
(¬٥) (ق): "يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض".

الصفحة 35