كتاب بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

قال: {وَيُسَبِّحُونَهُ} لما ذكر السجود باسمه الخاص، فصار التسبيح ذكرهم له، وتنزيههم إيّاه.
شبهة رابعة (¬١)، قالوا: قد قال الشاعر:
إلى الحَوْلِ ثُمَّ اسْمُ السَّلام عَلَيْكُما ... وَمَنْ يَبْكِ حَوْلًا كَامِلًا فَقَدِ اعْتَذَرْ (¬٢)
وكذلك قول الأعشى (¬٣):
* دَاعٍ يُنَادِيْه بِاسْمِ الماءِ مَبْغُوْمِ *
هذه حجة عليهم لا لهم، وأما قوله: "ثم اسم السلام عليكما"، فالسلام: هو الله تعالى، والسلام أيضًا: التحية، فإن أراد الأول؛ فلا إشكال، فكأنه قال: ثم اسم الله (¬٤) عليكما، أي: بركة اسمه، وإن أراد التحية؛ فيكون المراد بالسلام المعنى المدلول، وباسمه لفظه الدال عليه، والمعنى: ثمّ اسم هذا المسمى عليكما، فيراد بالأول: اللفظ، وبالثاني: المعني، كما تقول: "زيد بطة"، ونحوه مما يراد بأحدهما اللفظ وبالآخر المدلول فيه (¬٥)، وفيه نُكتة حسنة، كأنه أراد: ثم هذا اللفظ باقٍ عليكما، جارٍ لا ينقطع منِّي، بل أنا مراعيه دائمًا.
---------------
(¬١) انظر: "نتائج الفكر": (ص/ ٤٧ - ٥٠).
(¬٢) البيت اللبيد بن ربيعة -رضي الله عنه- في "ديوانه": (ص / ٧٩).
(¬٣) كذا في الأصول!. ولعله خطأ ممن النسَّاخ، والصواب -كما قال المؤلف فيما سيأتي- أن البيت لذي الرُّامَّة، في "ديوانه: (ص / ٤٧٤)، وصدره:
*لا ينعشُ الطرف إلا ما تخوَّنَه*
وتحرّف في (ق) إلى: "متعوم".
(¬٤) (ظ ود): "السلام" والمثبت من (ق).
(¬٥) ليست في (ق).

الصفحة 36