كتاب بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

المجرمون، وكما يحذف من الصِّلة والصفة والحال إذا دلَّ عليه دليل، ودعوى قُبح حذفه من الخبر مما لا دليل عليها. وللكلام في تقرير هذه المسألة موضع آخر.
والمقصود: أن إنشادَ البيت بالنصب محافظةً على عدم الحذف إخلالٌ (¬١) شديدٌ بالمعنى. وأما إذا تقدم النفي وقلت: "لم أصنع كله ولم أضرب كلهم"، فكأنك لم تتعرَّض للنفي عن كل فردٍ فردٍ، وإنما نفيت فعل الجميع ولم تنفِ فعل البعض، ألا ترى أن قولك: "لم أصنع الكلَّ" مناقض لقولك: "صنعتُ الكلَّ"، والإيجاب الكلِّي يناقضه السلب الجزئي، ألا ترى إلى قولهم: "لم أُرِد كلَّ هذا" فيما إذا فعل ما يريده وغيره، فتقول: "لم أُرِد كلَّ هذا" ولا يصح أن تقول: "كلُّ هذا لم أرده"، فتأمله، فهذا تقرير هذه المسألة، وقد أغناك عن ذلك التطويل المتعِبْ القليل الفائدة.
فصل (¬٢)
واعلم أن "كلًّا "من ألفاظ الغَيبة، فإذا أضفته إلى المخاطبين، جاز لك أن تُعِيدَ الضَّميرَ عليه بلفظ الغَيبة مراعاةً للفظه، وأن تعيده بلفظ الخطاب مراعاةً لمعناه، فتقول: كلُّكم فعلتم، وكلُّكم (¬٣) فَعَلوا.
فإن قلت: "أنتم كلُّكم فعلتم"، أو "أنتم (¬٤) كلُّكم بينكم درهم"، فإن جعلت "أنتم" مبتدأ، و "كلكم" تأكيدًا، قلت: أنتم كلكم فعلتم
---------------
(¬١) في الأصول: "وإخلال".
(¬٢) (د): "فائدة".
(¬٣) "فعلتم، وكلكم" ساقط من (د).
(¬٤) (ظ ود): "أرأيتم".

الصفحة 375