كتاب بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

لم يكن بُدٌّ من إضافته إلى ضمير المؤكد حتى يُعْلم أنه توكيد، وليس كذلك "أجمع"؛ لأنه لا يجيء إلا تابعًا لما قبله، فاكتفى بالاسم الظاهر المؤكد (¬١) واستغنى به عن التصريح بضميره، كما فعل بـ "سحر" حين أردته ليوم بعينه، فإنه عُرِّف بمعنى الإضافة، وأستغني عن التصريح بالمضاف إليه اتكالًا على ذكر اليوم قبله.
فإذا قيل: وَلمَ لَمْ تُقَدَّم "أجمع" كما قُدِّم "كل"؟.
فالجواب (¬٢): أن فيه معنى الصفة؛ لأنه مشتق من "جمعت" فلم يقع إلَّا تابعا (¬٣)، بخلاف "كل".
ومن أحكامه أنه، يُثنَّى و، يُجمع على لفظه؛ أما امتناع تثنيته، فلأنه وضع لتأكيد جملة تتبعض (¬٤)، فلو ثنيته لم يكن في قولك: "أجمعان" توكيد لمعنى التثنية، كما في "كليهما "؛ لأن التوكيد تكرار لمعنى المؤكَّد (¬٥)، إذا قلت: درهمان، أفدت أنهما اثنان، فإذا قلت: كلاهما، كأنك قلت: اثناهما، ولا يستقيم ذلك في: "أجمعان"؛ لأنه بمنزلة من يقول: أَجْمع وأَجْمع، كالزيدان بمنزلة: زيد وزيد، فلم يفدك "أجمعان" تكرار معنى التثنية، وإنما أفادك تثنية واحدة بخلاف "كلاهما"؛ فإنه ليس بمنزلة قولك: كل وكل، وكذلك "اثناهما" المستغنى عنه بكليهما لا يقال فيهما: اثن واثن، فإنما هي تثنية لا تنحلُّ ولا تنفرد، فلم يصلح لتأكيد معنى التثنية غيرها، فلا
---------------
(¬١) من قوله: "حتى يعلم ... " إلى هنا ساقط من (ق).
(¬٢) (ظ): "قيل: الجواب"، (د): "ولكل جواب".
(¬٣) (ظ ود): "فلم يكن يقع تابعًا"!
(¬٤) "النتائج": "لتوكيد الاسم المفرد الذي يتبعَّض"، وسقطت "يتبعض" من (ظ ود).
(¬٥) (ظ ود): "المعنى المذكور".

الصفحة 381