كتاب بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

فعلاء. و"جمعاء" التي هي مؤنث أجمع لو جُمِعَت لقيل: جمعاوات، أو جُمْع -بوزن حُمْر- وأما فُعَل بوزن كٌبَر فجمع لفُعْلى (¬١).
وإنما جاء "أجمعون" على بناء "أكرمون وأرذلون"؛ لأن فيه طرفًا من معنى التفضيل كما في: "الأكرمين والأرذلين"، وذلك أن الجموع تختلف مقاديرها، فإن كَثُر العدد احتج إلى كثرة التوكيد، حرصًا على التحقيق ورفعًا للمجاز، فإذا قلت: جاء القوم كلُّهم، وكان العدد كثيرًا، تُوُهِّم أنه قد شذ منهم البعض، فاحتيج إلى توكيد أبلغ من الأول، فقالوا: أجمعون أكتعون، فمن حيث كان أبلغ من التوكيد الذي قبله، دخله معنى التفضيل، ومن حيث دخله معنى التفضيل (¬٢) جُمِع جَمْع السلامة، كما يجمع "أفعل" الذي فيه ذلك المعنى جمع السلامة كأفضلون، ويجمع مؤنثه على "فُعَل" كما يجمع مؤنث ما فيه (¬٣) من التفضيل.
وأما "أجمع" الذي هو توكيد الاسم الواحد فليس فيه من معنى التفضيل شيء، فكان كباب "أَحْمر"، ولذلك استغنى أن يقال: "كلاهما أجمعان"، كما يقال: "كُلُّهم أجمعون "؛ لأن التثنية أدنى من أن يُحْتاج في (¬٤) توكيدها إلى هذا المعنى، فثبت أن "أجمعون" لا واحد له من لفظه؛ لأنه توكيد لجمع من يعقل، وأنت لا تقول فيمن يعقل: جاءني زيد أجمع (¬٥)، فكيف يكون: "جاءني الزيدون
---------------
(¬١) الأصول: "الفعل" والتصويب من "النتائج".
(¬٢) "ومن حيث دخله معنى التفضيل" ساقط من (ق).
(¬٣) (ظ ود): "كما يجمع ما فيه من التفضيل".
(¬٤) (ظ ود): "إلى".
(¬٥) (ظ ود) من قوله: "فثبت أن ... " إلى هنا ساقط من (ق).

الصفحة 383