كتاب بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

"المغضوب عليهم"، فالمقصود التحذير من صفتهم والإعراض عنهم وعدم الالتفات إليهم، والمعوَّل عليه من الأجوبة ما تقدَّم.
فصل
وأما المسألة السابعة: وهي تعدية الفعل هنا بنفسه دون حرف "إلى"، فجوابها: أن فِعْل الهداية يتعدَّى بنفسه تارة، وبحرف "إلى" تارةً، وبـ "اللام" تارة، والثلاثة في القرآن، فمن المُعَدَّى بنفسه: هذه الآية، وقوله: {وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (٢)} [الفتح: ٢] ومن المعدى بـ "إلى"، قوله: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢)} [الشورى: ٥٢] وقوله تعالى: {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الأنعام: ١٦١] ومن المعدَّى باللام قول أهل الجنة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا} [الأعراف: ٤٣]، وقوله تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: ٩].
والفرق بين هذه (¬١) المواضع تدقُّ جدًّا عن أفهام العلماء، ولكن نذكر قاعدةً تشير إلى الفرق، وهي: أن الفعل المُعَدَّى بالحروف المتعدِّدة لابد أن يكون له مع كلِّ حَرْف معنًى زائد على معنى الحرف الآخر، وهذا بحسب اختلاف معاني الحروف، فإن ظهر اختلاف الحرفين ظهر الفرق، نحو: رغبتُ فيه ورغبتُ عنه، وعدلتُ إليه وعدلتُ عنه، ومِلْتُ إليه وعنه، وسعيتُ إليه وبه، وإن تقارب (¬٢) معنى الأدوات عَسُرَ الفرق، نحو: قصدت إليه وقصدت له، وهديته إلى كذا وهديته لكذا، وظاهريَّة النحاةِ يجعلون أحد الحرفين بمعنى الآخر، وأما فقهاء أهل العربية فلا يرتضون هذه الطريقة، بل
---------------
(¬١) تحرفت في (ظ ود).
(¬٢) (ظ ود): "تفاوت"

الصفحة 423