كتاب بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

وألصقه بها، فإن ذلك هو الوصف الغالب عليها، وهذا مُطابق لوصف الله اليهودَ بالغضب في القرآن، والنصارى بالضلال، فهو تفسير للآية بالصفة التي وصفهم بها في ذلك الموضع.
أما: اليهود؛ فقال تعالى في حقهم: {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (٩٠)} [البقرة: ٩٠] وفي تَكْرار هذا الغضب هنا أقوال:
أحدها: أنه غَضَب متكرِّر في مقابلة تكرُّر كفرهم برسول الله - صلى الله عليه وسلم -. والبغي عليه ومحاربته، فاستحقوا بكفرهم غضبًا، وبالبغي والحرب. والصدِّ عنه غضبًا آخر. ونظيره قوله تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ} [النحل: ٨٨] فالعذاب الأول بكفرهم، والعذاب الذي زادهم إياه بصدِّهم الناسَ عن (¬١) سبيله.
القول الثاني: أن الغضب الأول بتحريفهم وتبديلهم وقتلهم الأنبياء، والغضب الثاني بكفرهم بالمسيح (¬٢).
والقول الثالث: أن الغضب الأول بكفرهم بالمسيح، والغضب الثاني بكفرهم بمحمد - صلى الله عليه وسلم -.
والصحيح في الآية: أن التَّكْرار هنا ليس المراد به التثنية التي تَشْفع الواحد، بل المراد غضبٌ بعد غضبٍ، بحسب تكرُّر كفرهم، وإفسادهم، وقتلهم الأنبياء، وكفرهم بالمسيح، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم -، ومعاداتهم لرسل الله،
---------------
(¬١) من قوله في الآية: {عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ... } إلى هنا ساقط من (ق ود).
(¬٢) القول الثاني سقط من (د).

الصفحة 436