كتاب بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

بعد الفاتحة، وكذلك قرأ في الفجر بسورة {ق} (¬١)، ونحو هذا، وتأمل كيف لم يأت بالباءِ في قوله: "قرأ سورةَ النَّجْمِ فسَجَدَ وسَجَدَ معه المسلِمُوْنَ والمشركونَ" (¬٢) فقال: قرأ سورة النجم، ولم يقل: بها؛ لأنه لم يكن في صلاة فقرأها وحدها، وكذلك قوله: قرأَ عَلَى الجنِّ سورةَ الرحمن (¬٣) ولم يقل: بسورة الرحمن، وكذلك: "قرأ على أُبَيٍّ سورةَ: {لَم يَكُنِ} (¬٤) ولم يقل: بسورة {لَم يَكُنِ}، ولم تأت الباء إلا في قراءةٍ في الصلاة كما ذكرتُ لك، وإن شئتَ قلت: هو مضمَّن معنى: صلَّى بسورة كذا وقامَ بسورة كذا، وعلى هذا فيصحُّ هذا الإطلاق وإن أتى بها وحدها، وهذا أحسن من الأول، وعلى هذا فلا يقال: قرأ بسورةِ كذا، إذا قرأها خارجَ الصلاة، وألفاظ الحديث تتنزَّل على هذا، فتدبَّرْها.
فصل (¬٥)
وأما {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (٧٩)} [النساء: ٧٩] فالباء متعلقة بما تضمنه الخبر من معنى الأمر بالإكتفاء، لأنك إذا قلت: "كفى الله"، أو
---------------
= ووقع تفسيرها بـ "الأعراف" في "سنن أبى داود" رقم (٨١٢)، والنسائي: (٢/ ١٧٠) وغيرهما.
(¬١) أخرجه مسلم رقم (٤٥٨) من حديث جابر بن سمرة -رضي الله عنه-.
(¬٢) أخرجه البخاري رقم (١٠٦٧)، ومسلم رقم (٥٧٦) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه-.
(¬٣) أخرجه الترمذي رقم (٣٢٩١) من حديث جابر -رضي الله عنه-. قال الترمذي: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث الوليد بن مسلم عن زهير بن محمد" أهـ ثم ذكر عن الإمام أحمد والبخاري ما يدلّ على نكارة الحديث.
(¬٤) أخرجه مسلم رقم (٧٩٩) من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-.
(¬٥) "نتائج الفكر": (ص/ ٣٥٥).

الصفحة 509