كتاب بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

"كفاك (¬١) زيد" فإنما تريد أن يكتفي هو به، فصار اللفظ لفظ الخبر والمعنى معنى الأمر، فدخلت الباء لهذا السبب، فليست زائدة في الحقيقة، وإنما هى كقولك: حسبكَ بزيد، ألا ترى أن "حسبك" مبتدأ وله خبر، ومع هذا فقد يجزم الفعل في جوابه فتقول: "حسبك يَنَم الناس"، فينم جُزم على جواب الأمر الذي في ضمن الكلام، حكى هذا سيبويه (¬٢) عن العرب.
فائدة (¬٣)
تعدِّي الفعل إلى المصدر على ثلاثة أنحاء؛ أحدها: أن يكون مفعولاً مطلقًا لبيان النوع. الثانى: أن يكون توكيدًا. الحديث: أن يكون حالاً.
قال (ق/١٨ ب) سيبويه (¬٤): "وإنما تذكره لتبِّين أي فعل فعلت أو توكيدًا". وأَما الحال: فنحو: "جاء زيد مشيًا وسعيًا"، تريد: ماشيًا وساعيًا، وفيه قولان؛ أحدهما: هذا. والثاني: أن الحال محذوف، و"مشيًا" معمولها، أي: يمشي مشيًا، وقد تقول: "مشيت مشيًا وقعدت قاعدًا"، تجعلها حالاً مؤكِّدة، وقد تقول: مشيت مشيًا بطيئًا ومسرعًا، فلك فيها وجهان؛ أحدهما: أن يكون المصدر حالاً فيكون من باب قوله تعالى: {لِسَانًا عَرَبِيًّا} (¬٥) [الأحقاف: ١٢] وهي الحال الموطأة؛ لأن الصفة في وطَّأت الاسم الجامد أن يكون حالًا، فإن اللسان
---------------
(¬١) (ظ ود): "كفاك الله ... ".
(¬٢) فى "الكتاب": (١/ ٤٥٢ - ٤٦٥).
(¬٣) "نتائج الفكر": (ص / ٣٥٦).
(¬٤) في "الكتاب": (١/ ١١٧) بنحوه.
(¬٥) من قوله: "وقد تقول ... " إلى هنا ساقط من (ظ ود).

الصفحة 510