كتاب بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)
عند المخاطب، وإنما يؤكد ما ثبتت حقيقته، والمخاطَب أحوج إلى ذكر المفعول المطلق الذي تقع به الفائدة منه إلى توكيد "فعلت"، فلو قلت له: "فعلتُ فعلتُ"، وأكدته بغاية ما يمكن من التوكيد، (ق/١٢٠ ب) ما كان الكلام إلا غير مفيد! وكذلك لو قال: "فعلتُ فِعلاً" على التوكيد؛ لأن المصدر الذي كنتَ تؤكد به -لو أكدت- قياسُه أن يكون مفتوح "الفاء" لأنه ثلاثي، والمصدر الثلاثي قياسه فتح فائه، كما أن فعله كذلك".
قلتُ (¬١): هذا ليس على إطلاقه، فإن "فعلت" إذا أُريد بها الفعل العام الذي لم تتحصل حقيقتُه عند المخاطَب امتنعْ تأكيدُها، بل مثل هذا لا يقع في (¬٢) التخاطُب، وأما إذا أُريدَ بها فعل خاص قد تحصَّلت حقيقته وتميزت عندهما، كما إذا قال له: "أنت فعلت هذا"، وأشار إلى فعل معين، فإنه إذا أكد الفعل وقال: "فعلتُ فعلت"، كان الكلام مفيدًا أبلغ فائدة، وهذا إنما جاء من حيث كانت "فعلت" مرادًا بها الحديث الخاص. وأكثر ما يجيء "فعلت": في الخطاب كذلك، فتأمله.
قال (¬٣): "إذا ثبت: هذا؛ فلا يقع بعد "فعلت" إلا مفعول مطلق، إما من لفظها فيكون عامًّا، نحو: "فعلت فِعلاً حَسَنًا"، ومن ثَمَّ جاء مكسور الفاء لأنه كالطَّحْن والذِّبْح، ليس بمصدر اشْتُق منه الفعل، يل هو مشتق من "فعلت". وإما أن يكون خاصًا نحو: "فعلت ضربًا"، "فضربًا" أيضًا مفعول مطلق من غير لفظ "فَعل" فصار "فعلت فِعلاً"
---------------
(¬١) الكلام لابن القيم -رحمه الله-.
(¬٢) (ق ود): "ألا في".
(¬٣) أي: السهيلي -رحمه الله-.