كتاب بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

على جملة المصغر، وكانت "ياء" لا "ألفًا"؛ لأن الألف قد اختصت بجمع [التكثير] (¬١)، وكانت به أولى، كما كانت الفتحة التي هي أُختها بذلك أولى؛ لأن الفتح يُنبئ عن الكثرة، ويُشار به إلى السَّعَة، كما تجد الأخرس والأعجم -بطبعه- إذا أخبر عن شيءٍ كثير، فتح شفتيه، وباعَدَ ما بين يديه، وإذا كان الفتح يُنبئ عن الكثرة والسعة (¬٢)، والضم الذي هو ضده (¬٣) يُنبئ عن القلة والحقارة، كما تجد المقلِّل للشيء يُشير إليه بضم فم أو يد، كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين ذكر ساعةَ الجمعة، وأشار بيده يقللها (¬٤)، فإنه جمع أصابِعَه وضمَّها ولم يفتحها (¬٥).
وأما الواو، فلا معنى لها في التصغير لوجهين:
أحدهما: دخولها في ضَرْبٍ من الجموع، نحو "الفعول" (¬٦)، فلم يكونوا يجعلونها علامة في التصغير، فيلتبس التقليل بالتكثير.
والثاني: أنّه لابد من كسر ما بعد علامة التصغير، إذا لم يكن حرف إعراب كما كسر ما بعد علامة [التكثير] (¬٧) في "مَفَاعِل"، ليتقابل اللفظان، (ق/ ١٤ ب) وإن تضادَّا، كما قابلوا "عَلِم" بـ "جَهِل"، أو "رَوِي" بـ "عَطِش"، و"وَضيع": فهو "وضيع" بـ "شَرُف" فهو "شريف"، فلم
---------------
(¬١) في الأصول: "التذكير" والمثبت من "النتائج".
(¬٢) (ظ ود): "على السعة".
(¬٣) (ظ ود): "صدره"!.
(¬٤) أخرجه البخاري رقم (٩٣٥) ومسلم رقم (٨٥٢) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(¬٥) جاءت صفة التقليل في "البخاري" رقم (٥٢٩٤) من طريق سلمة بن علقمة، وفيه: "وقال بيده، ووضع أنملته على بطن الوسطى والخِنصر. قلنا: يُزَهِّدها" اهـ.
(¬٦) (ظ ود): "المجموع نحو المفعول".
(¬٧) في الأصول: "التكسير" والمثبت من "النتائج".

الصفحة 64