كتاب بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

تعالى: {لَيْلَةَ الصِّيَامِ} [البقرة: ١٨٧] فالليلة من ظروف الزمان، وقد أضيفت إلى الصيام، وليس بواقع فيها، فلما جاز في بعض الكلام أن يضاف الظرف إلى الاسم الذي هو الحدث -وإن لم يكن واقعًا فيه- أضافوه إلى الفعل لفظًا، وهو مضاف إلى الحدث معنًى، وأقحم لفظ الفعل إحرازًا (¬١) للمعنى، وتخصيصًا (¬٢) للغرض، ورفعًا لشوائب الاحتمال، حتى إذا سمع المخاطب قولك: "يوم قام زيد"، علم أنك تريد: اليوم الذي قام فيه زيد، ولو قلت مكان قولك: "ليلةَ الصيام": "ليلةَ صيام زيد" ما كان له معنًى إلاّ وقوع الصيام في الليل, فهذا (¬٣) الذي حملهم على إقحام لفظ الفعل عند إرادتهم إضافة الظروف إلى الأحداث، وقِسْ على ذلك المبتدأ والخبر.
وأما "ريث" فبمنزلة الظرف وقد صارت في معناه، وكذلك: "حيث" و"ذي تَسْلم" لأن (¬٤) المعنى في قول بعضهم: "اذهب بوقت ذي تَسْلم" (¬٥)، أي: سلامتك، فلمَّا حذفت المنعوتَ، وأقمت النعت مقامه، أضفته أبي ما كنت تضيف إليه المنعوت وهو الوقت.
قال السُّهيلي: وهو عندي على الحكاية حكوا قول الداعي "تسلم" (¬٦) كما تقول (¬٧): "تعيش وتبقى"، فقولهم: "اذهب بذي
---------------
(¬١) (ظ ود): "إقرارًا".!
(¬٢) كذا في الأصول، وفي: "النتائج": "وتحصينًا".
(¬٣) (ظ ود): "فهو"!.
(¬٤) (ظ ف د): "أن"!.
(¬٥) (ق): "اذهب بذي تَسْلم" و (ظ ود): "اذهب لوقت ... ".
(¬٦) تكررت في (د) وهو: متَّجِه.
(¬٧) من (ق) و"النتائج".

الصفحة 66