كتاب بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
هنا ليس لمطلق الموت، وإنما هو للحاقُهم بالمؤمنين، ومصيرهم إلى حيث صاروا.
وأمَّا قول الموصِي: إن متُّ فثلث مالي صدقة؛ فلأنّ الموت وإن كان محققًا، لكن لما لم يُعرف تعيُّن وقته، وطال الأمد (¬١)، وانفرجت (¬٢) مسافة أمنية الحياة، نزلَ منزلة المشكوك فيه (¬٣)، كما هو الواقع الذي تدلُّ عليه أحوال العباد، فإن عاقلاً لا يتيقّن الموت، ويرضى بإقامته على حالٍ لا يحب الموتَ عليها أبدًا، كما قال بعض السلف: ما رأيت يقينًا لا شك فيه أشبهَ بشك لا يقينَ فيه من الموت (¬٤)، وعلى هذا حمل بعض أهل المعاني قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (١٦)} [المؤمنون: ١٥، ١٦] فأكَّدَ الموتَ باللام، وأتى فيه باسم الفاعل الدال على الثبوت، وأتى في البعث بالفعل، ولم يؤكده.