كتاب بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

أمرٍ أو نهي أو خبرٍ يتضمِّن مأمورًا به (¬١) ومنهيًّا عنه ومخبَرًا، إلا ويمكنُ على هذا أن يُقَدَّر له لفظ (¬٢) مضاف يُخرجه عن تعلُّق الأمر والنهي والخبرية.
فيقول الملحدُ في قوله: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: ٩٧] أ، أي: معرفة حج البيت، و {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: ١٨٣] أي: معرفة الصيام، وإذا فُتِحَ هذا الباب فسَدَ التَّخَاطُبُ وتعطَّلَتِ الأدلَّةُ، وإنما يضمَرُ المضافُ حيث يتعيَّنُ ولا يصِحُّ الكلامُ إلا بتقديره للضرورة، كما إذا قيل: "أكَلْتُ الشَّاةَ" فإن المفهوم من ذلك: "أكَلْت لَحْمَها"، فحَذف المضاف لا يُلْبس، وكذلك إذا قلت: "أكَلَ فُلانٌ كَبدَ فُلانٍ": إذا أكل مالَهُ، فإِن المفهوم: أكل ثَمَرَةَ كَبدِه، فحَذْف المضاف هنا لا يُلْبس (¬٣)، ونظائره كثيرة.
وليس منه: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: ٨٢] وإن كان أكثر الأصوليين يمثِّلون به، فإن القوية اسمٌ للسكان في مسكن مجتمع، فإنما تطلقُ القريةُ باعتبار الأمرين، كالكأسِ: لمأ فيه الشَّراب. والذَّنُوب: للدَّلْوِ الملآنِ ماءً، والنهرِ (¬٤). والخِوان: للمائدةِ إذا كان عليها طعامٌ ونظائره.
ثم إنهم لكثرة استعمالهم هذه اللَّفظةَ ودورانِها في كلامهم أطلقوها على السُّكَّان تارَةً، وعلى المسكن تارة، بحسب سياق الكلام وبساطه (¬٥)، وإنما يفعلونَ هذا حيث لا لَبْسَ فيه (¬٦)، فلا إضمارَ (ظ /٥٦١ ب) في
---------------
(¬١) من (ع).
(¬٢) (ق وع): "لفظه".
(¬٣) من قوله: "وكذلك إذا ... " إلى هنا ساقط من (ق).
(¬٤) "النهر" ليست في (ق).
(¬٥) معناها هو مضى السياق، واستعملها ابن القيم في "البدائع": (٣/ ١١٣٠) أيضًا.
(¬٦) من (ع).

الصفحة 872