كتاب بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)
وقال الآخر (¬١):
مَشَيْنَ كما اهْتَزَّتْ رِمَاحٌ تَسَفَّهَتْ ... أَعَالِيَها مَرُّ الرِّيَاحِ النَّوَاسِمِ
وقال الآخر:
بَغْيُ النُّفُوسِ مُعِيدَةٌ نَعْمَاءَهَا ... نِقَمًا، وإنْ عَمِهَتْ، وطالَ غُرُورُها
فأنَّثَ الأوَّلُ: "السُّورَ" المضاف إلى المدينة، والثاني: "المَرَّ" المُضَافَ إلى الرِّياح، (ق/٢١٦ أ) والثالثُ: "البَغْيَ" المُضاف إلى النفوس، لتأنيث المُضاف إليه مع أن التذكير أصلٌ والتأنيث فرع، فحُمِل الأصل على الفرع، فَلأَنْ يجوزَ تذكيرُ المؤنث لإضافته إلى غير مؤنث أولى؛ لأنه حَمْل للفرعِ (¬٢) على الأصل.
ومنْ الأول أيضًا قول الشاعر (¬٣):
وتَشْرَقُ بالأَمْرِ الذي قد أَذَعْتَهُ ... كما شَرِقَتْ صَدْرُ القَنَاةِ منَ الدَّمِ
فأنث "الصَّدْرَ" لإضافته إلى القناة.
وأنشدني بعضُ أصحابنا لأبي محمد بن حزم، في هذا المعنى بإسناد لا يحضرُني:
تجنَّب صديقًا مثل ما، واحذرِ لذي ... تراه كعَمْرو بين عُرْبِ وأعجمِ
فإن صديقَ السَّوْءِ يُرْدِي وشاهدي ... كما شَرِقَتْ صدْرُ القناةِ من الدَّمِ
---------------
(¬١) البيت لذي الرمة "ديوانه": (٢/ ٧٥٤)، والرواية فيه:
*رويدًا كما اهتزت ..... *
(¬٢) (ع وظ): "حَمَل الفرعَ".
(¬٣) البيت للأعشى "ديوانه": (ص/١٨٣).