كتاب بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)
إذا كان الاستواءُ فيما مضى، وهما الآن مختلفان، فهذه القرينةُ تنفي الانقطاعَ الذي يُتَوَهَّمُ في لفظ المُضِيِّ، كما كان لفظ الحال في قولك: "لا أُكَلِّمُهُ ما دَامَتِ السَّمواتُ والأرْضُ"، ينفي الانقطاعَ المتوهَّمَ في "دام"، وإذا انتفى الانقطاعُ، وانتفتِ الزوائدُ الأربعُ، بقي الحَدَيث (¬١) مطلقًا غيْرَ مقيّد في المسألتين جميعًا، فتأمَّلْ هذا تَجِدْه صحيحًا.
فصل (¬٢)
الكلام على واو الثمانية
قولهم: إن الواوَ تأتي للثَّمانية، ليس عليه دليلٌ مستقيمٌ، وقد ذكروا ذلك في مواضعَ فَلْنَتَكَلَّمْ عليها واحدًا واحدًا:
الموضع الأول: قوله تعالى: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التوبة: ١١٢] فقيل الواو في "والناهون" واو الثمانية لمجيئها بعد استيفاء الأوصاف السبعة، وذُكِر في الآية وجوهًا أُخَرَ:
منها: أن هذا من التَّفَنُّنِ في الكلام أن (¬٣) يُعْطَفَ بعضُه، ويتركَ عطفُ بعضٍ.
ومنها: أن الصَّفات التي قبل هاتين (ظ / ١٦٣ ب)، الصفتين صفاتٌ لازمةٌ متعلِّقَةٌ بالعامل، وهاتان الصفتان مُتَعَدِّيتان متعلِّقتان بالغير فَقُطِعَتا عما قبلَهما بالعطف.
---------------
(¬١) الأصول: "الحدث" والمثبت من "النتائج".
(¬٢) انظر ما تقدم في الكتاب (٢/ ٦٦٤)، وإحالة المؤلف في استيفاء الكلام على واو الثمانية على كتابه "الفتح المكيّ"، وانظر "حادي الأرواح": (ص/ ٤٩).
(¬٣) ليست في (ع).