كتاب بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

أمرين؛ أحدهما هذا، والثاني أن يكون دخول "الواو" هاهنا إيذانًا بتمام كلامهم عند قولهم: (سَبْعَة) ثم ابتدأ قوله: (ق/٢٢٦ ب) {وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ}، وذلك يتضمَّن تقريرَ قولهم: (سَبْعَةٌ) كما إذا قال لك "زَيْدٌ فَقِيهٌ"، فقلت: "ونَحْوِيٌّ" وهذا اختيار السهيلي (¬١).
وقد تقدَّم الكلام عليه (¬٢)، وأن هذا إنما يَتِمُّ إذا كان قوله: {وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} ليس داخلًا في المحكيِّ بالقول، والظاهر خلافه، والله أعلم.
الموضع الرابع: قوله تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} [الزمر: ٧٣] فأتى بـ"الواو" لما كانتْ أبوابُ الجنَّة ثمانيةً، وقال في النار: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} [الزمر: ٧١]، لما كانتْ سبعةً، وهذا في غاية البُعد، ولا دلالةَ في اللَّفظ على الثمانية حتى تدخل "الواو" لأجلِها، بل هذا من باب حذف الجوابِ لنكتة بديعة، وهي: أن تَفتيحَ أبواب النار كان حالَ موافاة أهلها، ففتحتْ في وجوههم؛ لأنه أبلغ في مفاجَأة المكروه.
وأما الجنَّةُ فلما كانت دارَ الكرامة وهي مأدبةُ (¬٣) الله، وكان الكريمُ إذا دعا أضيافَهُ إلى داره شرع لهم أبوابَها ثم استدعاهم إليها مُفَتَّحَةَ الأبوابِ، أتى بـ "الواو" العاطفة هاهنا الدَّالَّة على أنهم جاءوها بعدما فُتحتْ أبوابُها (¬٤)، وحَذَفَ الجوابَ تفخيمًا لشأنه وتعظيمًا لقدْره، كعادتهم في حذف الأجوبة وقد أشْبَعْنا الكلامَ على هذا فيما تقدَّمَ والله أعلم.
---------------
(¬١) كما في "نتائج الفكر": (ص/ ٢٦٤).
(¬٢) ٢/ ٦٦٦.
(¬٣) (ق وظ): "مائدة".
(¬٤) انظر: "الفصول المفيدة في الواو المزيدة": (ص/ ١٥٨ - ١٥٩).

الصفحة 919