كتاب بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)
الخُدْري: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حُنَيْن بعث جيشًا إلى أوطاس، فلقي عدُوًّا فقاتلوهم، فظهروا عليهم، وأصابوا لهم سَبَايا، فكأن ناسًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - تحرَّجوا من غِشْيانهنْ من أجل أزواجهنَّ من المُشركينَ، فأنزل الله عز وجل في ذلك: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} أي: فهنَّ لكم حلالٌ إذا انقضتْ عِدَّتُهُن.
وفي التِّرمْذي (¬١) عن أبي سعيد: أَصَبْنا سبايا يوم أوطاس لهن أزواجٌ في قومهنَّ، فذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - , فنزلت: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} وهذا صريح في إباحتهنَّ، وإن كنَّ ذواتِ أزواجٍ.
وفى التِّرمذي (¬٢) و"مسند أحمد" (¬٣) من حديث العِرْبَاض بن سَارِيَةَ: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حَرَّمَ وطْءَ السَّبايا حتى يضعنَ ما في بطونهن"، فهذا التحريمُ إلى غاية, وهي: وَضْعُ الحمل، فلابُدَّ أن يحصلَ الحِلُّ بعد الغاية، ولو كان وجودُ أزواجهنَّ مانعًا من الوطء لكان له غايتان؛ إحداهما: عدمُ الزوج. والثانية: وضعُ الحمْل، وهو خلاف ظاهر الحديث.
قالوا: ولأن ملك الكافر الحربي البُضْعَ، لم يبقِ له حُرْمَةٌ ولا عِصْمة؛ إذ قد ملك المسلمون عليه ما كان يملكُهُ، فملكوا رقبةَ زوجته، فكيف يقال ببقاء (¬٤) العِصمة فى ملك البُضع، لا سيَّما والمسلم يستحق
---------------
(¬١) رقم (١١٣٢) وقال عَقِبه: "هذا حديث حسن".
(¬٢) رقم (١٥٦٤) واستغربه.
(¬٣) (٢٨/ ٣٨٤ رقم ١٧١٥٣). وفى سند حديث العرباض مقال، لكن له شواهد يقوّى بها تقدم بعضها.
(¬٤) (ع): "بقاء".