كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

معنى من معانيه، وهنا تصح إرادة كل معنى من معانيه، فلو تعدى اللصوص على رجل اسمه (زيد) في محل معيّن، فعوّروا عينه الباصرة، وغوّروا عينه الجارية، واستلبوا عينه التي هي فضته وذهبه، فقال قائل: عرّف لنا الشيء الذي تعدى عليه اللصوص في ذلك المحل المعين، فقال: المعرِّف: هو عين زيد، فاعترض عليه المعترض بأَنَّ العين لفظ مشترك، فإنه يجيب بأن إطلاق العين في التعريف على كل واحد من الثلاثة صحيح؛ لأنه كلَّه حق، واللفظي لا يُشترط فيه الجمع عند أكثر أهل هذا الفن، والمشترك إن كان كذلك فلا مانع منه في التعريف.
وقد قدمنا أن إطلاق المجاز والمشترك دون قرينة تعين المراد في التعريفات يبطل التعريف عند المنطقيين، فالسلامة من ذلك شرط صحة عندهم لا شرط في الحسن، خلافًا لأهل هذا الفن، وقد قدمنا أن قول المنطقيين فيه أظهر.
الثالث: إثبات قرينة تعين المراد من المشترك ولكن المعترض لم ينتبه لها.
واعلم أن التعريف تتوجه إليه اعتراضات غيرُ ما ذكرنا، وكلها راجع في الحقيقة إلى الدعاوي الضمنية التي تضمنها التعريف كما قدمنا إيضاحَه، كأن يقول صاحب التعريف مثلًا: هذا التعريف حقيقي، وهو حد تام، فإنّ كلامه هذا يستلزم الدعاوي الآتية:
الأولى: أنه بالجنس والفصل القريبين.

الصفحة 189