كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

الثانية: أن أجزاءه كلها ذاتية لا عرضية.
فيُعترض عليه بغير ما تقدم:
كأن يقول المعترض: أجزاء تعريفك هذا ليست ذاتية بل هي عرضية، أو بعضُها عرضي.
وكأن يقول: هذان الجزآن ليسا هما الجنسَ والفصلَ القريبين.
وكأن يدعيَ أن لتلك الحقيقة حدًا تامًا غير ماذكره؛ لاستحالة إمكان حدين لحقيقة واحدة؛ لأن الحد لا يكون إلا بالفصل الذي هو المميز الذاتي، وتعدده مستحيل؛ لأن الفصل القريب لا يمكن تعدده لحقيقة واحدة كما هو معلوم في محله؛ لأن تعدده يفضي إلى المستحيل، وهو كون الحقيقة الواحدة في ذاتها حقيقتين متباينتين؛ لأن كل جنس قريب إذا ذُكر معه الفصل حصلت حقيقة الماهية؛ لأنها مركبة عندهم من جنس وفصل، كما تقدم إيضاحه (¬١)، فلو فرضنا تعدد الفصل القريب للماهية الواحدة لكان كل واحد من الفصلين مع الجنس حقيقة مستقلة غير الحقيقة الأخرى، والمفروض أنها حقيقة واحدة، فلا يمكن كونُها حقيقتين مختلفتين، وتعددُ الفصل يستلزم ذلك، وما استلزم المحال فهو محال، هكذا يقولون، والعلم عند الله تعالى.
واعلم أن هذه الدعاوى المذكورةَ لا يُقبل الاعتراض بها إلا بدليل يُنتجها، فلا تُقبل من المعترض بدعواه المجردة عن الدليل، فإن أقام الدليل على أحد أوجه الاعتراض المذكورةِ كان لصاحب التعريف أن
---------------
(¬١) راجع ص ٥٩.

الصفحة 190