كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

يجيب عن دليله بالمنع، سواء ذكر دليل المنع أو لم يذكره، وسيأتي في الكلام على المنع إن شاء الله ما يزيد هذا إيضاحًا.
فلو قال المعرِّف: تعريفي الإنسان بأنه (الحيوان الناطق) حد تام؛ فأجزاؤه ذاتية؛ لأنها حد وفصل قريبان.
فقال المعترض: لا أسلم أن الناطق مثلًا ذاتي، بدليل أن الضاحك غير ذاتي، والناطقُ والضاحكُ لا فرق بينهما.
فيقول صاحب التعريف: أمنع قولك: إن الناطق غير ذاتي، وأنه لا فرق بينه وبين الضاحك. وإن شاء اقتصر على هذا المنع مجردًا عن الدليل، وإن شاء أقام عليه الدليل، وأدلة الفرق بينهما قد قدمناها موضحة في المقدمة المنطقية (¬١).
ومثال إقامة الدليل على الفرق بينهما ببعض الفوارق التي قدمناها أن يقول: لو رأيت إنسانًا يضحك لكان لك أن تسأله عن سبب ضحكه فتقولَ له: ما أضحكك؟ بخلاف كون الإنسان ناطقًا -أي ذا قوة عاقلة مفكرة يقدر بها على إدراك العلوم والآراء-، فليس لك أن تقول له: ما سبب كونك ناطقًا؟ كما تقدم إيضاحه.
---------------
(¬١) راجع ص ٥١.

الصفحة 191