كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

استنادًا إلى إخبار جماعة يستحيل تواطؤهم على الكذب عادة، كقولك: مدينة بغداد موجودة، ودمشق موجودة. وحقيقة التواتر وشروطه كل ذلك مبين في علوم الحديث وعلم الأصول.
فهذه الأقسام الستة هي أقسام التصديق البديهي، الأربعة الأول منها من البديهي الجلي، والأخيران من البديهي الخفي، كما رأيت إيضاحه، وهذه البديهيات الست تعرف باليقينيات.
ومذهب الأخضري (¬١) وابن الحاجب (¬٢) ومن وافقهما أنها ست، ولكن حذفوا منها النوع الفطري، وجعلوا الحسي نوعين: ما يدرك منه بالحواس الظاهرة جعلوه قسمًا مستقلًا وسموه المحسوسات، وما يدرك بالحواس الباطنة جعلوه قسمًا آخر مستقلًا وسموه بالمشاهدات والوجدانيات، وعلى ذلك درج الأخضري في سلّمه في قوله:
أجلُّها البرهانُ ما أُلف مِنّ ... مقدماتٍ باليقين تَقترنْ
من أولياتٍ مشاهداتِ ... مجرباتٍ متواتراتِ
وحدَسياتٍ ومحسوساتِ ... فتلك جملة اليقينياتِ
ونبه بعض شروحه على أن الصواب هو التقسيم الذي ذكرنا.
وإذا عرفتَ أقسام التصديق البديهي، وأن أربعة منها من النوع
---------------
(¬١) سبقت ترجمته ص ٥.
(¬٢) هو أبو عمرو، عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس، الكردي، المالكي، من كبار الأصوليين، توفي سنة ٦٤٦ هـ. انظر سير أعلام النبلاء للذهبي (٢٣/ ٢٦٤ - ٢٦٦).

الصفحة 198