كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

ارتفاع ماء الأنهار سبب في ارتفاع ماء الآبار، وبينا أن البناني قال: إن تأمل الحد الوسط فيه يكفي في إدراك المطلوب.
ومثال التنبيه في المتواتر أن تقول: وجود بغداد أخبر به عدد يستحيل تواطؤهم على الكذب عادة، وكل شيء أخبر به عدد كذلك فهو حق، ينتج من الشكل الأول: وجود بغداد حق. وهذا القياس للتنبيه لا الاستدلال؛ لأن من المعلوم أن ما أخبر به العدد المذكور فهو حق؛ ولأن المتواترات من البديهيات.
ومثال الاستدلال على التصديق النظري قولك: أنا مخلوق بعد أن كنتُ معدومًا، وكل مخلوق بعد أن كان معدومًا فلا بد له من خالق، ينتج من الشكل الأول: أنا لا بد لي من خالق.
وقد علمت مما مر أن المناظرة في التصديق لا تكون إلا في نوعين لا ثالث لهما:
الأول التصديق النظري، وهو المحتاج إلى الدليل.
والثاني التصديق البديهي الخفي، وهو المحتاج إلى التنبيه.
وهذه تفاصيل طرق المناظرة فيهما:
اعلم أولًا أنك إذا ألقى إليك صاحب التصديق تصديقًا نظريًا أو تصديقًا بديهيًا خفيًّا فلكل واحد منهما حالتان:
أما حالتا التصديق النظري فالأولى منهما أن يكون ألقاه إليك مجردًا عن الدليل؛ لأجل إيهام أنه من البديهيات التي لا تحتاج لدليل،

الصفحة 200