كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

المذكورُ مقرونًا بالسند.
والذي يظهر أن إتيانه بالسند في منع دعوى لم يُقم صاحبها عليها دليلًا أنه من أنواع الغصب، والغصب وظيفة غير مقبولة عند أهل هذا الفن، وسيأتي في الكلام على الغصب أن السائل إذا عمد إلى دعوى غير مستدل عليها أو إلى مقدمة دليل لم يُقم المعلل عليها دليلًا فأقام دليلًا على بطلان إحداهما أنه يكون غاصبًا، والغصب وظيفة غير مقبولة في هذا الفن، ووجه كونه غاصبًا ظاهر؛ لأن الاستدلال لصاحب التصديق المحتاج إلى دليل أو تنبيه، فإذا منعه السائل واستدل على منعه فقد غصب وظيفة المعلل التي هي الاستدلال، واقتران المنع بسندٍ استدلال بذلك السند على بطلان دعوى المعلل قبل أن يستدل عليها فكونه من قبيل الغصب ظاهر.
والظاهر أن من أجاز اقتران المنع المذكور بالسند من أَهل هذا الفن يرى هذا النوع من الغصب جائزًا كما لا يخفى.
ومثاله في التصديق النظري أن تقول: العالم كله حادث، فيقول خصمك القائلُ بقدمه من الفلاسفة الضالين: أمنع دعواك هذه.
ومثاله في البديهي الخفي أن تقول: ارتفاع ماء الأنهار سبب في ارتفاع ماء الآبار، فيقول خصمك: أمنعُ هذه الدعوى، أو: لا أسلمها، ونحو ذلك من العبارات المتقدمة.
وسيأتي إن شاء الله (¬١) أوجه الجواب عن المنع المذكور، مع أمثلة
---------------
(¬١) ص ٢٢٣.

الصفحة 202