كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

لأبيه، وهو عين التصديق المدعَى الذي أقيم عليه الدليل، وهو كون هذا الإنسان الذي هو الابن وارثًا لهذا الإنسان الذي هو الأب.
فيقول السائل أمنع كبرى دليلك هذا، وهي قولك: وكل ابن وارثٌ لأبيه، وهذا هو المنع، ويقرن هذا المنعَ بالسند اللمي المقتضي جواز كون ذلك الابن لا يرث ذلك الأب، فيقول مثلًا: لم لا يجوز أن يكون الابن كافرًا، أو: لم لا يجوز أن يكون عبدًا، أو: لما لا يجوز أن يكون الأب كافرًا، أو: لم لا يجوز أن يكون الأب عبدًا، وهكذا.
وأما النوع الثاني وهو السند القطعي فضابطه أن يكون السند المقرونُ بالمنع فيه التصريحُ القاطع من صاحب المنع المقترنِ بالسند، بما ينافي دعوى المعلل التي أقام عليها الدليل، من غير تعرض منه إلى بيان منشأ الغلط في الدعوى الممنوعة، قائلًا: إن السند المذكور قد قطع العقل بصحته.
ومثاله أن يقول المعلل صاحب التصديق: ذلك الشبح ليس بإنسان، ثم يقيم الدليل على ذلك فيقول: لأنه حجر، ولا شيء من الحجر بإنسان، ينتج من الشكل الأول: ذلك الشبح ليس بإنسان، وهو عين التصديق الذي أقيم عليه الدليل.
فيقول السائل: أمنع صغرى دليلك هذا، وهي قولك: لأنه أي الشبح المذكور حجر، ويقرن هذا المنع بالسند القطعي فيقول: كيف يكون الشبح المذكور حجرًا وهو ناطق، فقطعه بأنه ناطق ينافي دعوى المعلل التي أقام عليها الدليل، وهي كون الشبح المذكور ليس بإنسان، وذلك يمنعه صغرى الدليل منعًا مقرونًا بالسند القطعي.

الصفحة 210