كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

ومن أمثلته أن يقول المعلل الحنفي صاحب التصديق: صوم رمضان يصح بنية قبل الزوال، ثم يقيم الدليل على هذا التصديق فيقول: لأنه تكفي فيه النية قبل الزوال، وكل صوم تكفي فيه النية قبل الزوال فهو صحيح.
فيقول السائل الشافعي أو المالكي أو الحنبلي: أمنع صغرى دليلك هذا، وهي قولك؛ لأنه تكفي فيه النية قبل الزوال، ثم يقرن منع هذه الصغرى بالسند القطعي فيقول: كيف تكفي فيه النية قبل الزوال وقد وقع الشروع فيه أولًا فاسدًا؛ لتجرده عن النية، و"الأعمال بالنيات" (¬١)، "ولا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل" (¬٢).
واعلم أن قصدنا دائمًا بالأمثلة التي اختلف فيها الأئمة مطلقُ المثال لفهم القاعدة، وليس قصدُنا مناقشةَ أدلة أقوالهم، وترجيحَ الراجح منها بالدليل.
والشأن لا يُعترض المثالُ ... إذ قد كفى الفرض والاحتمال
وأما النوع الثالث من أنواع السند الذي هو السند الحَلّي، وربما سموه الحل، فضابطه أن يكون مرادُ السائل المانع تبيينَ منشأ غلط المعللِ صاحب التصديق، وتعيينَ موضع غلطه، وإنَّما يورد هذا النوع
---------------
(¬١) جزء من حديث مشهور في أول صحيح البخاري.
(¬٢) أخرجه أصحاب السنن بعدة ألفاظ، الترمذي (٧٣٠)، أبو داود (٢٤٥٤)، النسائي (٢٣٣٦)، ابن ماجه (١٧٠٠)، وصححه الألباني كما في إرواء الغليل (٤/ ٢٥).

الصفحة 211