كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

الذي هو السند الحَلي على مقدمة مبنية على الغلط، بسبب اشتباه شيء بآخر.
ومثاله أن يقول المعلل صاحب التصديق: لا زكاة فيما لم يوجب الشارع الزكاة في عينه، وكل ما لم يوجب الشارع الزكاة في عينه فلا زكاة فيه كالعروض.
فيقول السائل: أمنعُ كبرى دليلك هذا، وهي قولك: وكلما لم يوجب الشارع الزكاة في عينه فلا زكاة فيه كالعُروض، ثم يقرنه بالسند الحَلي فيقول: إنما يصح ما ذكرت فيما لو كانت العُروض لغير التجارة، أما عُروض التجارة فتجب فيها الزكاة، وهي في الحقيقة واجبة في قيمتها من النقد، فالمعلل قد اشتبهت عليه عُروض التجارة بعُروض القُنية، فنفَى الزكاةَ عن الجميع، والسائل بين بهذا السند الحَلّي منشأ غلطه، وأنه اشتباه هذا بهذا، وعيّن موضع الغلط، وأنه غلط في عُروض التجارة لاشتباهها عليه بعُروض القُنية، وظنِّه أنهما سواء، كما هو مذهب داود الظاهري (¬١) ومن تبعه.
ومن أمثلته أن يقول المعلل: ذلك الشبح ليس بإنسان، ثم يقيم الدليل على ذلك فيقول: لأنه -أي الشبح المذكور- فرس، ولا شيء من الفرس بإنسان، ينتج من الشكل الأول: ذلك الشبح ليس بإنسان.
فيقول السائل: أمنعُ صغرى دليلك هذا، وهي قولك: لأنه فرس؛
---------------
(¬١) داود بن علي بن خلف، الأصبهاني، رأس الظاهرية، (٢٠٠ - ٢٧٠ هـ).
انظر ترجمته في أعلام النبلاء للذهبي (١٣/ ٩٧ - ١٠٨).

الصفحة 212