كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

تنبيهان:
الأول: اعلم أن المراد باللمي في مبحث السند ليس هو المراد باللمي في مبحث البرهان، وإن كان كل واحد منهما منسوبًا إلى لفظة "لم"، كما أوضحناه في السند اللمي، وليس قسيم واحد منهما كقسيم الآخر، أما قسيم اللمي في السند فقد علمت أنه القطعي والحلي.
وأما البرهان فمن تقسيماته عندهم أنه ينقسم باعتبار كون الحد الوسط علةً للنتيجة أو غير علة لها إلى قسمين: الأول البرهان اللمي، والثاني البرهان الإني، وإنما قيل للبرهان لمي لأنك إن سألت فيه عن النتيجة بلفظة "لم" كان الجواب بالحد الوسط، ولذا سمي لِمّيًا، وإذا كان الحد الوسط لا يمكن أن يكن جوابًا للنتيجة المسؤول عنها بلم فهو البرهان الإني، وإنما قيل له إنّي بالنسبة إلى "إنْ" بالهمزة المكسورة والنون الساكنة؛ لأنه يقال فيه: إن كان كذا فهو كذا.
وإيضاحه بالمثال أنهم يقولون: إن تعفن الأخلاط سبب في حصول الحمى، فلو قلت: هذا متعفن الأخلاط، وكل متعفن الأخلاط فهو محموم، فهو ينتج من الشكل الأول: هذا محموم، فإذا سألت عن هذه النتيجة بلم فقلت: لم كان محمومًا؛ فالجواب بالحد الأوسط، وهو أن يقال: لأنه متعفن الأخلاط، والحد الوسط هنا الذي هو تعفن الأخلاط علة للنتيجة، التي هي إصابة الحمى.
وأما إذا كان الحد الوسط لا يمكن أن يجاب به عن النتيجة المسؤول عنها بلم لأنه ليس علتها فهو البرهان الإني، كما لو قلت:

الصفحة 215