كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

هذا محموم، وكل محموم متعفن الأخلاط، فإنه ينتج من الشكل الأول: هذا متعفن الأخلاط، ولو سألت عن هذه النتيجة بلم لم يصح الجواب بالحد الوسط، فلو قلت لم كان متعفن الاخلاط؟ فلا يصح أن تقول: لأنه محموم؛ لأن الحمى ليست علة لتعفن الأخلاط، بل العكس، وإنما قيل لنحو هذا برهان إني لأنك تقول وأنت صادق: إن كان محمومًا فهو متعفن الاخلاط، هكذا يقولون والعلم عند الله تعالى.
التنبيه الثاني: اعلم أنه يجري على ألسنة أهل هذا الفن كثيرًا نحو هذه العبارات: كقولهم (هذا الشبح ليس بضاحك) ويقيمون الدليل على هذا التصديق السلبي بقولهم (لأنه ليس بإنسان، وكل ما ليس بإنسان ليس بضاحك، فالشبح ليس بضاحك)، وهذا الدليل وإن أنتج المقصود، الذي هو كون ذلك الشبح ليس بضاحك، فإنما أنتج ذلك لخصوص المادة، والدليل في حد ذاته باطل؛ لأنه قياس اقتراني من الشكل الأول، ومعلوم أنه يُشترط لإنتاجه أن تكون صغراه موجبة، وهذا الدليل المذكور صغراه سالبة، وهي قولهم: لأنه ليس بإنسان، ولا يجوز الاستدلال بالشكل الأول في حال كون صغراه سالبة لاختلال شرط الإنتاج كما تقدم إيضاحه، صمان أنتج المقصود في بعض الحالات لخصوص المادة، فتنبه لذلك، والخطب سهل؛ لأن المثال يغتفر فيه ما لا يغتفر في غيره كما تقدم.
واعلم أن السند قد يقسم تقسيمًا آخر باعتبار آخر، فهو ينقسم باعتبار نسبته إلى نقيض الدعوى الممنوعة في نفس الأمر لا بالنظر إلى اعتقاد المانع إلى ستة أقسام، وسيأتي تفصيلها بأمثلتها.

الصفحة 216