كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

واعلم أولا أن ثلاثة من هذه الأقسام الستة هي محل المناظرة المقصود؛ لأن السائل ينفعه الإتيان بها في إبطال دعوى المعلل، والمعلل ينفعه الاشتغال بالرد عليها؛ لأن إبطالها سبب لاستقامة دليله، وواحد منها لا ينفع السائل إتيانه، ولكن ينفع المعلل إبطاله، واثنان منها لا فائدة فيهما للمعلل ولا للسائل، فلا حاجة للإتيان بهما أصلًا، ولكنه قد يأتي بهما يظن فيهما فائدة والأمر بخلاف ما يظن.
وإذا علمت ذلك فالأول من الأقسام الستة المذكورة هو ما يكون فيه السند نفس نقيض الدعوى الممنوعة.
ومثاله أن يقول المعلل: هذا إنسان، ثم يستدل على هذا التصديق فيقول: لأنه ناطق، وكل ناطق إنسان، ينتج: هذا إنسان.
فيقول السائل: أمنع صُغرى دليلك هذا، وهي قولك: لأنه ناطق، ويجعل هذا المنع مقرونًا بالسند اللمي فيقول: لم لا يجوز أن يكون غير ناطق، فالصغرى الممنوعة: هو ناطق، والسند: جواز كونه غير ناطق، وغير الناطقِ هو عين نقيض الناطق.
وهذا القسم من الأقسام الثلاثة التي ينفع السائلَ الإتيانُ بها، وينفع المعللَ إبطالُها؛ لما قدمنا من أن إثبات النقيض يلزمه نفي نقيضه، كعكسه، كما أوضحنا في القياس الشرطي المنفصل، المركب من [حقيقيةٍ] (¬١) مانعةِ جمع وخلو (¬٢).
---------------
(¬١) في المطبوع: (حقيقة) والصواب ما أثبته.
(¬٢) يعني مع الاستثنائية، راجع ص ١٣٣.

الصفحة 217